بين العبادة والعادة
العبادة هي القصد إلى التزام أمر الله في كل ما دقَّ وجل للوصول إلى سعادة الدارين، والعادة هي فعل بغير قصد، وسلوك بغير نية إلى تسيير حياة الإنسان في المعاش. العبادة تجعل للسلوك روحاً إيمانية متجددة، والعادة سلوك بلا روح كالجثة الهامدة، العبادة هي مجموع الأقوال والأفعال الظاهرة و الباطنة التي ترضي الله عز وجل، والعادة هي الأقوال والأفعال الظاهرة و الباطنة التي ترضي الهوى والمجتمع، العبادة قد تتحول إلى عادة تستوفي الأشكال الفقهية، وتخلو من المقاصد التربوية، والعادة قد تتحول إلى عبادة باستصحاب النية، والقصد القلبي إلى إرضاء رب البرية، العبادة يرجى أن يحصل صاحبها على الأجر في الأعمال كلها سواء كانت عبادات خالصة كالصلاة والزكاة والصيام والحج والاعتكاف وقراءة القرآن و....، أو عادات الأكل والشرب والنزهة والزواج والاستمتاع بالحلال الطيب ابتغاء رضا الله عز وجل (وفي بضع أحدكم صدقة) (صحيح الجامع للألباني). أما العادات المجردة من قيمة التعبد فتجعل صاحبها كالمزمار الذي ينفخ فيه دون جدوى، العبادة هي مراد الله من العباد، والعادة هي مراد العبد من رغباته، العبادة ترتقي بالإنسان إلى منازل الصديقين، والعادة تهوِي بالعبد إلى منازل المقلِّدين، العبادة تجعل صاحبها واثقاً من خطواته إلى ربه، والعادة تجعل صاحبها مهزوزاً في بلوغ إربه، العبادة هي مزيج من الوحي والعقل والنقل، والعادة هي مزيج من الهوى والعمل، العبادة تحمل صاحبها على المكارم واحتمال المغارم، والعادة تجعل صاحبها يسعى إلى المغانم، وان ضاعت المروءة والمكارم ، العبادة إطار لا يتغير حيثما حل الإنسان في أي مكان أو زمان (اتق الله حيثما كنت) (البيهقي في السنن)، والعادة تتغير مع كل زمان أو مكان، وتبدل حسب الديار والأعراف والقوانين في كل مكان، العبادة هي النور الذي يقذفه الله في قلوب الأصفياء والأتقياء، والعادة ظلمة تطمس على القلب أن يستحضر النية فتكسو وجهه علامات الأشقياء، أصحاب العبادات يرجون تجارة لن تبور، وأصحاب العادات "عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً " (الغاشية 3-4).
فلنحول العادات إلى عبادات لنفوز في الدارين، ولا نحول عباداتنا إلى عادات، فنخسر كل شئ