سكرتير نيابة وشقيقته أحرقا قضايا كرداسة وإمبابة بعد تزويرها

مهزلة إدارية شارك فيها موظفون كان من المفترض أنهم من حراس العدالة لكن الشيطان والرغبة في الثراء حولهم إلي مزورين يلبسون الحق بالباطل إلي أن شعروا أن أمرهم يكاد أن ينكشف فهداهم تفكيرهم الي حرق غرفة ملفات القضايا التي تلاعبوا فيها وزورها.. فأحرقوا ملفات القضايا في الجريمة التي وقعت في شهر مارس الماضي والتي بدأت أحداثها في التكشف عندما لاحظ أحد المحامين اختلاف أرقام قضايا موكليه.. وتضارب أرقام محاضر الشرطة مع الأرقام المثبتة في ملفات القضايا.. فتكشفت خيوط واحدة من أكبر قضايا التزوير في المحاكم المصرية التي كان بطلها سكرتير نيابة وانتهت بفرم وحرق عدد هائل من ملفات قضايا تابعة لنيابة امبابة وكرداسة وصل عددها الي 4851 قضية.

«روزاليوسف» حصلت علي نص تحقيقات النيابة العامة وأقوال الشهود في القضية المتهم فيها مصطفي صبحي محمد سكرتير نيابة مركز إمبابة وكرداسة.. والتي اعترف فيها أمام المستشار محمد ذكري المحامي العام الاول لنيابات شمال الجيزة بالتهم المنسوبة إليه تفصيليا قائلا: وصل للمحامي العام أخبار عن التلاعب في بعض القضايا بعد وقوع مشادة كلامية بيني وبين محام يدعي أشرف بعدما لاحظ اختلافا في أرقام قضايا ومحاضر شرطة.

فاتفقت مع زميلي عمرو الجابري المتهم الثاني علي حرق الغرفة رقم 915 التي تضم جميع ملفات القضايا.. واقتصر دوري علي احضار البنزين وتم هذا الاتفاق بيننا يوم الاربعاء وتم الحريق يوم الجمعة.

وأكمل: اشتريت زجاجتي بنزين من بنزينة بمنطقة إمبابة ووضعتهما داخل دولاب القضايا.. وأكدنا الأمر معا يوم الخميس في تمام الثانية ظهر الجمعة وهو يوم عطلة رسمية في المحاكم صعدت الي الطابق السادس ومعي افطاري وأوهمت الحرس في المحكمة أن لدي بعض الأعمال وأقوم بعمل كشف للنيابة العامة حتي يظن أي وكيل نيابة «نوباتشي» أنني أعمل ولا يشك في الواقعة وبعد ذلك سكبت البنزين فوق القضايا وجمعت القضايا لعام 2010 التي كان بها معظم التزوير وبعدما أشعلت النيران اتصلت بزميلي عمرو الجابري وقلت له أنا خلصت فقال لي إنه منتظرني في منزله وذهبت إليه وقابلته وركبت معه سيارته وذهبنا إلي المحكمة مرة ثانية ووجدنا سيارات المطافئ تطفئ الحريق.

استطرد المتهم في ذكر تفاصيل يوم الحادث قائلا: قمت بعمل نسخة من مفاتيح زميلي عمرو قبل تنفيذ الجريمة وأشعلت النار في الحجرة المجاورة حتي لايعلم أو يشك أحد في الأمر ويبدو طبيعيا، وأضاف عدد القضايا التي حرقت وهي خاصة بعام 2010 كان أكثر من مائتي قضية ولفت إلي أن قضايا عام 2010 مسئولية زميله عمرو الجابري وزميل آخر يدعي مصطفي وأكد أن زميليه السابقين اتفقا معه وبيتوا النية علي إحراقها لأن هذه القضايا مزورة وتمسهم جميعا خاصة بعدما وصل أمرها إلي المحامي العام وطلب تلك القضايا لمراجعتها بنفسه.

وكشفت تحقيقات النيابة العامة أن المتهمين زوروا عشرات القضايا بطرق مختلفة منها كتابة قرارات احالة وتحقيقات بأسماء وهمية واخفاء المتهمين الحقيقيين خاصة قضايا المباني وتبوير الأراضي الزراعية والتي ليس بها أطراف اتهام متناقصة ويسهل إخفاء معالمها بل اخفاؤها تماما وذلك باضافة أرقام وهمية في جداول النيابة ومن أمثلة ذلك القضية رقم 2166 و2163 و2164و2165 وعشرات القضايا الأخري، هذا وكان مصطفي قد غير أقواله في تحقيقات النيابة نافيا اعترافاته قائلا: بعض المحامين حاولوا ابتزازي وتوريطي في القضية.. وأكدوا لي أنهم سيساندونني في القضية إذا اعترفت علي نفسي أما إذا لم أفعل فسيتخلون عني وهددوني باختطاف شقيقتي التي كثيرا ما تتردد علي في المحكمة.

أما المتهم الثاني عمرو الجابري فأنكر في تحقيقات النيابة التهم المنسوبة إليه باشتراكه في حريق المحكمة وأكد أنه يوم الحادث كان في مدينة 6 أكتوبر مع أحد أقاربه الذي كانت نيابة أول أكتوبر تحقق معه في واقعة سرقة وأنه كان هو وأقاربه في أكتوبر متضامنين معه، وأضاف أن زميله مصطفي يقوم بإلقاء التهم عليه جزافا وأنه غير أقواله أكثر من مرة ففي المرة الأولي قال إنني كنت معه أثناء الحريق وفي المرة الثانية قال إنني اشتركت معه في الجريمة بالاتفاق وفجر مفاجأة قائلا: شقيقة المتهم الاول مصطفي صبحي وتدعي أميرة هي التي تقوم بكتابة قضايا شقيقها التي يتم تزويرها بمنزلها بالسيدة زينب واستشهد المتهم ببعض أقاربه الذين كانوا معه في مدينة 6 أكتوبر يوم الحادث وعند مواجهة «أميرة» شقيقة المتهم الأول اعترفت بأنها قامت بكتابة نماذج محاضر لقسم شرطة إمبابة بخط يدها ولكنها قالت إنها لا تعلم أنها مزورة وأضافت: أن شقيقها كان يقوم باعطائها نموذجا لمحضر شرطة ويطلب منها نسخة بخط اليد ولكن دون كتابة اسم ضابط الشرطة محرر المحضر أو اسم المتهمين وفي النهاية يقوم هو بكتابة اسماء وهمية في الخانات الفارغة وبسؤال وكيل النيابة لها علي أنها كانت تكتب بخط يدها اسماء المتهمين الوهميين قالت إنها لاتعلم طبيعة عمل شقيقها وأنه كان يشكو من كثرة عمله وكثرة المهام التي يتم تكليفه بها فكانت تساعده وهي حاصلة علي دبلوم تجارة وأضافت: أنها لم تدخل قسم شرطة طوال حياتها وكان شقيقها يزورها في منزلها في السيدة زينب طالبا مساعدتها له في أعماله.

حصر التلفيات

أكد مدير عام الشئون الجنائية لنيابة شمال الجيزة أنه قام بحصر جميع والقضايا التي أصابها حريق جزئي وجميع القضايا التي فرمت هي القضايا التي تم التلاعب فيها وتزوير قرارات الاحالة وتغيير القيد والوصف فيها الي ما يقرب من 4851 قضية ومحضر شرطة بنيابة مركز إمبابة وكرداسة وقام بتصنيفها في 34 كشفاً بالنسبة لقضايا عام 2010 و72 كشفاً بالنسبة لعام 2008 و62 كشفاً بالنسبة لعام 2011 وقد تم حرق عدد من الجداول التي بها أرقام القضايا وفرم الجدول رقم 12 بالكامل.

تقرير أبحاث التزييف والتزوير

أثبت التقرير أنه بعد الفحص تبين أن المتهم مصطفي صبحي هو المحرر للتوقيعات بأعلي كل دوسيه من الدوسيهات التي تحتوي المحاضر المزورة وانه هو المحرر الاصيل للبيانات والمشار إليها بالجاف الاحمر وأن شقيقته أميرة هي المحررة للبيانات بـ7 محاضر مزورة وأن المتهم الرابع الذي تم استبعاده ويدعي مصطفي عثمان لم يحرر تلك البيانات المزورة التي أشير إليها بالجاف الاحمر.

تحريات مباحث الأموال العامة

أثبتت تحريات الرائد أحمد بهجت بمباحث الأموال العامة قيام المتهم الأول مصطفي صبحي باشعال النار في غرفة جدول مركز إمبابة وكرداسة واشعال النار في الغرفة المجاورة وذلك بقصد اخفاء القضايا بالجدول كما ثبت اشتراك موظفين استبعدتهم تحقيقات النيابة العامة من اشتراكهم وتحريضهم في عملية الحريق بالاضافة الي تزوير عشرات القضايا وقيام شقيقة المتهم الاول بنسخ تلك القضايا والتزوير في محاضر الشرطة بوضع تلك المحاضر علي قضايا أخري ونصوص تحقيقات لا تتصل بالقضية محل الاتهام، ولم تتوصل التحريات الي كيفية اشعال النار في الحجرة أو الي المبالغ المالية التي كان يتقاضاها المتهمون جراء عمليات التزوير والتلاعب في تلك القضايا إلا أنه تم التوصل الي دور كل من المتهمين في الاشتراك في الجريمة وإلي الوصول إلي بعض أصحاب القضايا التي تم تزويرها وناقشت النيابة العامة ضابط المباحث حول معلوماته فأكد أنه أجراها بنفسه ومن مصادره الشخصية والسرية بالاضافة الي الاستماع إلي شهود الواقعة من حرس المحكمة وسؤال الموظفين والعاملين بالنيابة العامة.

وأضاف في تحقيقات النيابة أن معظم القضايا التي تم تزويرها كانت في قضايا المباني وتبوير الاراضي الزراعية.

تقرير خبير الإدارة العامة للتفتيش الجنائي

فيما أثبتت تقارير خبير التفتيش الاداري بمكتب النائب العام الإدارة العامة للتفتيش الجنائي تلاعب الموظفين في عشرات القضايا بتغيير القيد والوصف وتكرار أرقام نفس القضايا والتلاعب في تحقيقات بعض القضايا وتأشيرات النيابة العامة وأن معظم هذه القضايا هي قضايا مبان وذلك لعدم وجود أطراف متخاصمة في تلك القضايا وسهولة التلاعب فيها وأنه توصل إلي 29 قضية فقط بياناتها سليمة ومطابقة لما هو موجود في الجدول بالاضافة إلي اختفاء بعض القضايا وفرمها.

وجاء بقرار الاحالة الذي قرره المحامي العام لنيابات شمال الجيزة توجيه تهم التزوير والحريق والاختلاس والاهمال الجسيم للمتهمين واحالتهم الي محكمة الجنايات ولم يتم تحرير جلسة المحاكمة حتي الآن فيما دفعت هيئة الدفاع عن المتهمين المحامي حسين الاسيوطي والمحامي أحمد عطا ببطلان تحريات مباحث الاموال العامة وأن موكليه تعرضوا للإكراه في اعترافاتهم.