السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عجبنى موضوع النفس وتربيتها
فجئت اليكم بما استطعت من
قبس فى هذا الموضوع
واتمنى ان يعجبكم
تربية النفس وتهذيبها
وأي الوسائل أمر المولى تعالى باستخدامها لتحقيق هذا الفلاح؟
هل ينبغي اتباع برنامج منظّم؟ ما هي بنوده؟
مقدمة
"تولوا من أنفسكم تأديبها". إن النفس الإنسانية قابلة للتغيير ، وهي تتردّد بين مراتب عديدة لها طابع الرقي تارة، وطابع التردي والانحطاط تارة أخرى تبعاً لنوع وحجم الغذاء الروحي الذي يعتمده الإنسان.
فهناك ما يجب أن يتم لأجل تغيير واقع الإنسان من حال إلى حالٍ أفضل وأرفع شأناً.
وهذا التغيير له شروط ومقدمات نتعرض لذكرها بعد أن نشير إلى أنّ القران الكريم قد أثبت القاعدة الأصل الذي تنطلق منه عملية التغيير والحاصلة من داخل النفس والذات، قال تعالى: "إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم"(1).
أما الشروط العملية التغيير فهي:
1- اليقظة.
2- النية
2- النية والعزم.
3- معرفة عيوب النفس.
4- الاستعانة بالبرنامج العبادي.
5- الرفق والمداراة.
6- الثبات والمداومة.
1- اليقظة:
هي أوّل شروط التغيير، والأصل الذي يقوم عليه حركة الإنسان، فالغافل لا يمكن أن ينفذ خطوات مدروسة ذات موضوع وهدف، لذلك كانت الخطوة الأولى انتباه القلب وصحوة الضمير لاتخاذ المبادرة وسلوك طريق التغيير والإرتقاء ا لروحي، وهذا الانتباه يسمى باليقظة.
"إن اليقظة هي الخطوة الأولى في عملية السير نحو الله تعالى، والتي تعني استيقاظ الإنسان من غفلته وإلتفاته إلى ربِّه، حيث تأتي خطوة السير إليه بعد هذه اليقظة وذلك بفعل الواجب وترك الحرام كحد أدنى" الإمام الخميني(قدس سره) .
2- النية والعزم:
يشكِّل العزم بالنسبة لعملية بناء النفس قطب الرحى، حيث سماه أهل الإسلام ب( لبّ الإنسانية). فمن لم يُحَكِّمْ إرادته ويقوي عزمه لن يفلح في رفع الموانع من طريقه خصوصاً أمارية النفس وتزيين الشيطان.
وهذا العزم يفتقر للتوكل الذي أشار إليه الله تعالى في قوله: "فإذا عزمت فتوكل على الله إنّ الله يحب المتوكلين"(1).
3- معرفة عيوب النفس:
يدل القران الكريم على أن الله تعالى هو من يتولى قيادة الإنسان نحو مراتب الكمال، والفضيلة، وذلك عبر جملة توجيهات ومواعظ سميت بالبصائر: "قد جائكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه"(2).
فإذا أراد الله بعبد خيراً بصّره بعيوب نفسه، ومن كملت له بصيرته لم تخفَ عليه عيوبه، وإذا عرف عيوبه أمكنه علاجها.
ولمعرفة عيوب النفس سبيلان:
الأوّل:
أن يطلب ذلك بالجد والاجتهاد والإخلاص في طاعته.. ومراقبة نفسه على مستوى القول والفعل والسلوك، ويمد يد الرجاء إلى الله تعالى، والنتيجةة هي الإهداء: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبيلنا"(1).
الثاني:
مراقبة أقوال وأفعال الاخرين ليقف على السيء منها، فيلحظه في نفسه ليجتنبه، ذلك أنّ طباع الناس متقاربة، فيتفقد نفسه ويطهرها على كل ما يراه مذموماً في غيره.
ورد عن أمير المؤمنين ?: "العاقل من أتعظ بغيره".
4- الإستعانة بالبرنامج العبادي:
قال تعالى: "واستعينوا بالصبر والصلاة".
تأتي العبادات والشرائع وفي مقدمها الصلاة لتشكل برنامجاً متكاملاً يستمد الإنسان منه قواه الرحمانية، فيصفِّي نفسه ويطهِّر قلبه وتنمو قدرة المقاومة لديه لمواجهة أشكال النقص وحوادث الدهر، ويتضح هذا البيان في قوله تعالى: "إنّ الإنسان خُلق هلوعاً ء إذا مسَّهُ الشَّر جزوعاً ء وإذا مسَّهُ الخير منوعاً ء إلاّ المصلِّين"(2).
فالهلع والجزع والمنع نقائص وعيوب وعلاجها يكون بالصلاة وعموم الطاعات والعبادات.
والأمور المعتبرة في هذا البرنامج هي:
1- المحافظة على الصلوات الخمس، وإقامتها في أوّل الوقت جماعة بسننها وادابها.
2- المحافظة على النوافل اليومية.
3- المواظبة على الصيام المستحب، بمقدار ثلاثة أيام في الشهر.
4- التصدق بنسبة مقرّرة يومياً أو إسبوعياً وعدم الإخلال بذلك.
5- المبادرة لتحصيل ما يلزم لحجة الإسلام.
6- زيارة المراقد المقدسة للمعصومين(ع).
7- المحافظة على حقوق الإخوان وقضاء حوائجهم.
8- عدم الخوض والحديث في ما لا يعني.
9- تلاوة ما تيسر من القران الكريم كل يوم.
10- قراءة تسبيح الزهراء (ع) بعد كل صلاة.
5- الرفق والمداراة:
عن رسول الله (ص): "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغّض إلى نفسك عبادة ربِّك".
وهذا الشرط من اداب العبادة وضرورات تحقق الاستفادة منها، حيث يراعي الإنسان المرتبة التي هو فيها، ويتعامل مع نفسه بالرفق والمداراة، ولا يحمِّلها أزيد من طاقته وقدرة تحمله، فاداء البرامج والإكثار من العبادات قد يكون مضراً في حالات عدم انسجام القلب معها ونفوره منها وإنَّه غير مهيأ لمثل ذلك:
يقول الإمام العسكري ?: "إذا نشطت القلوب فأدعوها وإذا نفرت فودِّعوها".
فالنفس ونتيجة للضغط عليها وكفَّها عن مشتهياتها أكثر من القدرة والتحمل قد تصير مطلقة للعنان في شهواتها، وقد لا يعود صاحبها إلى خير أبداً، لذلك وجب التعامل مع النفس برفق وعناية كما يعامل الطبيب الماهر المريض الواهن، ليتمكن من علاجها شيئاً فشيئاً حتى تصل إلى مراتب السلامة والنقاء.
وإلى هذا المعنى أشار الإمام الصادق ? في قوله لأحد الأشخاص: "يا عبد العزيز إن للإيمان عشر درجات بمنزلة السلم، يصعد منه مرقاة بعد مرقاة"، إلى أن قال: "وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره".
فالنتيجة: إن العبادة المؤثرة في تربية النفس وتهذيبها هي فقط تلك التي تنشأ من الميل والرغبة، وعن نشاط وبهجة، "ولا تُكْرِهوا أنفسكم على العبادة" الإمام الصادق ?.
6- الثبات والمداومة
إن من اثار تكرار العبادات وتكثير الأذكار والأوراد وإتيان المستحبات أن يتأثر القلب منها وينفعل حتى يتشكل باطن الإنسان شيئاً فشيئاً من حقيقة الذكر والعبادة فيتحقق قوله تعالى: "صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة".
إذا شاء الإنسان الإرتقاء درجة في سلم الكمال عليه أن يخلع عن نفسه اراءاً وأخلاقا ً وعادات كانت مألوفة له معتاداً بها أولاً، حتى يمكنه أن يفارق الصور البشرية كلها، ويتحلى بالصور الإلهية، لأنَّه كلما انخلع عنه صورة ناقصة تلبس بما هو أعلى منزلة وأجود من الأولى، وكان له في كل موت حياة جديدة أشرف من الحياة السابقة.
العناية الإلهية
من عناية الله سبحانه بعباده أنَّه وهبهم العقل، ووهبهم القدرة على تهذيب نفوسهم وتزكيتها، وأرسل الأنبياء والأوصياء ليعملوا على هدايتهم وإصلاحهم ليتخلَّصوا من عذاب جهنم.. وعندما لا تنفع كل هذه الوسائل في تنبيه الناس وإلفاتهم، فإن الله سبحانه وتعالى ينبِّههم بوسائل أخرى وعن طرق أخرى، بالإبتلاء.. بالمصائب.. بالفقر.. بالمرض، كالطبيب الحاذق وكالممرض الماهر الحنون الذي يحاول تخليص مريضه من داء عضال.ولله المثل الاعلى
إذا كان العبد مورد عناية الله سبحانه وتعالى، فإنَّه يبتلى بصنوف الإبتلاء حتى يلتفت إلى خالقه تعالى اسمه، ويهب نفسه، هذا هو الطريق ولا طريق غيره، ولكن إذا لم يطوِ الإنسان بنفسه هذا الطريق ولم يحصل على النتيجة المطلوبة وكان مستحقاً لنعمة الجنة، فإن الله سبحانه يشدّد عليه في حال النزع، لعله يتذكر ويتنبَّه، وإذا لم ينفعه هذا تأتي موقظات القبر وعالم البرزخ والعقبات التي تتبعه.. وكلها تستهدف إيقاظ هذا الإنسان حتى لا يصل به الأمر إلى جهنم.
وكل هذه المراحل الإيقاظية عناية إلهية تستهدف المنع من وصول الإنسان إلى جهنم واستحقاقه لها..
فلو أن الإنسان لم تنفع معه كل هذه الموقظات والملفتات فماذا تكون عاقبته؟ هنا لا مجال بعد لأي شيءٍ، ويصبح لزاما ً أن يوقظ بالنار.
إن الإنسان الذي لا تنفع معه كل هذه الوسائل لا بد من إصلاحه بالنار كالمعدن الذي لا يمكن تحويله إلى معدن خالص الاّ بالنار.
احذروا أن توصلكم أعمالكم إلى هذه الدرجة فيحل عليكم غضب الله. إن أحدكم لا يستطيع أن يقبض لمدة دقيقة واحدة على حصاة محماة، فاتَّقوا نار جهنم، وأبعدوا عن الحوزات العلمية هذه النيران، هذه الاختلافات. طهِّروا قلوبكم من النفاق، حسِّنوا سلوككم مع عباد الله، وانظروا إليهم بعطف وحنان. ليكن لكم موقف صارم من العصاة لعصيانهم. مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر. وأما المؤمنون والصالحون فاحترموا العالم منهم لعلمه، واحترموا من هو سبيل الهداية لأعماله الصالحة، ليكن سلوكم مثالياً. أحبوا الناس وحادثوهم واخوهم. هذبوا أنفسكم، أنتم تريدون هداية الأمة وإرشادها..
والشخص الذي لا يستطيع إصلاح نفسه وإرادته فكيف يستطيع هداية الاخرين وإصلاح إرادتهم..
الإمام الخميني(قدس سرّه)
قصة وعبرة
موقفان
يروى أن رجلاً من أهل المدينة يدعى قزمان لم يكن معروف النسب، كان كلما ذكر اسمه عند رسول الله(ص) قال عنه: إنه لمن أهل النار.
فلما كان يوم أحد قاتل قتالاً شديداً حتى قتل بضعة نفر من المشركين فكثرت جراحه، فحمل إلى خارج المعركة. فقال له رجل من المسلمين: أبشر يا قزمان، لقد أبليت اليوم وقد أصابك ما ترى في الله.
فقال قزمان: بماذا أبشر؟! فوالله، ما قاتلت إلاَّ حمية عن قومي.. فلما اشتدت جراحاته واذته أخذ سهماً من كنانته فقطع شريان يده ومات منتحراً.
مقابل ذلك:
في غزوة تبوك التي كانت من أشق المعارك وأشدها على المسلمين وبلغ منهم الجوع ما بلغ، قال رسول الله(ص) لأصحابه: "إن بالمدينة أقواماً ما قطعنا وادياً ولا وطئنا موطئاً يغيظ الكفار ولا أنفقنا نفقة، ولا أصابتنا مخمصة إلاَّ شاركونا في ذلك وهم في المدينة".
قالوا: كيف ذلك يا رسول الله؟
فقال (ص): "حبسهم العذر فشاركونا بحسن النية".
واتمنى ان نتمكن جميعا تربية انفسنا وتهذيبها
وشكرا لكم