مصطفى ابوغلاب عضو صاحب مكان
مساهماتى بمنتدى الجامعه : 13 العمر : 33 الموقع : m_h2010699@yahoo.com دعاء المنتدى : اللهم انصرنا على من ظلمنا اللهم استر عيوبنا وارحمنا انت ارحم الرحمين تاريخ التسجيل : 12/02/2010 نقاط : 27027
| موضوع: المسلمين فى الغرب الخميس فبراير 18, 2010 8:41 am | |
| مستقبل المسلمين في الغرب.. بين التحديات والإمكانات!
كتب احد الصحفين هذا الموضوع من سوريا مصلون في مسجد أنوار المدينة بإدينبورج ببريطانيا بون- كان مما يلفت النظر - بعد الشروع في الإعداد للحملة العسكرية الأمريكية تحت عنوان "مكافحة الإرهاب" - مدى تأكيد كبار الساسة المسؤولين في الدول الغربية مرة بعد أخرى على أمر لا يحتاج إلى تأكيد في الأصل ، وهو أن سواد المسلمين في الغرب لا علاقة لهم بتلك الأعمال التي توصف بالإرهاب. هذا إلى جانب ما صدر من تحذيرات رسمية من عواقب موجة الاعتداءات التي يتعرض المسلمون لها، بعد شحن مشاعر الغضب على المستوى الشعبي بتأثير الحدث نفسه وبتأثير سلوك المسؤولين أنفسهم، وهم يوجّهون أصابع الاتهام نحو "جهة إسلامية" على الفور، وقبل الشروع في التحقيقات، فضلا عن ظهور نتائجها. لقد صدرت هذه التأكيدات والتحذيرات من الاعتداء على المسلمين في الغرب عن الرئيس الأمريكي بوش، وقرنها بالاجتماع مع قادة المسلمين وزيارة أحد المساجد في الولايات المتحدة الأمريكية موقع الحدث. كما صدرت عن الزعماء الأوروبيين ، وانتشرت تدريجيا في وسائل الإعلام الغربية. وأصبح السؤال الأهم في حديث الجهات الإسلامية أيضا عن المسلمين في الغرب هو: "ما الذي يتعرضون له من اعتداء؟ وكيف سيتطور ذلك في المستقبل؟!.
الاعتداءات ليست لب المشكلة
ولا يستهان بـ"خطر الاعتداءات" على المسلمين في الغرب قطعا، ولكن هل هذا هو الخطر الأكبر على الوجود الإسلامي في البلدان الغربية فعلا؟.. هل سيتأثر هذا الوجود الإسلامي تأثرا كبيرا نتيجة مثل هذه الاعتداءات المحتملة خارج نطاق السلطات الرسمية؟.. ألا يمكن أن يكون الخطر الفعلي هو ذاك الذي يتمثل فيما شرعت السلطات تقوم به من تجديد محاولات احتواء الوجود الإسلامي - بأساليب أخرى - ظهر التشدّد فيها حتى من قبل عمليات التفجير في نيويورك وواشنطون ، حتى أصبحت هذه التفجيرات الآن بمثابة المنطلق لمضاعفة الحملة وتوسيع نطاقها على "أرضية تبرير" مناسبة لها؟
ويكفي هنا التنويه بالاعتقالات دون اتهام وتقنين ما سميّ "أدلة سرية" في الولايات المتحدة الأمريكية ، وتعديل قوانين مكافحة الإرهاب في بريطانيا ، والضغوط التي تعرّض لها المسلمون بمشاركة السلطات في فرنسا .
ربما كان من أغراض المسؤولين الغربيين في تصريحاتهم تجنب حدوث اضطرابات داخل بلدانهم - وهذا أمر طبيعي - ولكن لا نمضي بعيدا إذا قلنا: إن موجة التصريحات الرسمية دفاعا عن المسلمين في وجه أعمال عنف عشوائية ، تغطي عدة أهداف في وقت واحد.
فعلاوة على تجنب الاضطرابات ، يمكن استخدامُ التصريحات المذكورة إعلاميا لتخفيف الضغط المتزايد على السلطات في البلدان الإسلامية، بسبب سياساتها الأقرب إلى تلبية الرغبات الأمريكية وبما يتناقض مع إرادة الشعوب الإسلامية نفسها.
ضرب الإسلام باسم الإسلام
كذلك يمكن توظيف تلك التصريحات لتهيئة الرأي العام في البلدان الغربية نفسها لتقبّل استخدام العنف العسكري الشديد ضدّ دول وشعوب إسلامية بأكملها بدعوى "مكافحة الإرهاب".. على أنّ الهدف الذي يرتبط مباشرة بالوجود الإسلامي في الغرب ، هو أن "الدفاع" عن المسلمين والإسلام عموما ، يمكن استخدامه على أرض الواقع ليكون هو "الغطاء" السياسي والإعلامي لتوجيه ضربات مركّزة -أمنية وغير أمنية- لجهات وقوى إسلامية ولمحاور التأثير المتزايد للوجود الإسلامي في البلدان الغربية.
إن ما وقع في نيويورك وواشنطون بات يُوظّف الآن لتنفيذ نقلة نوعية كبيرة على صعيد توجيه هذه الضربات المركزة - التي بدأت واقعيا منذ سنوات - لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. ولكن لم تأخذ الأبعاد الأشد خطورة والمحتمل أن تتخذها خلال الشهور والسنوات المقبلة . ولن يكون المقصود بالضربات المركزة أفرادا بعينهم يجري إبراز أسمائهم أكثر مما ينبغي، مع أنهم لا يمثلون المسلمين في بلدانهم ولا خارج حدودها، كما لا يمثلون عموما سوى فئات تنظيمية إسلامية محدودة العدد ومعزولة إسلاميا .. ولكن يساعد إبراز وجودهم الغربيين في نشر مزاعم تقول: إن "الغرب يضمن حرية العمل الإسلامي إلى أقصى مدى .. بمعنى : رغم التطرف فيه".
إنما المقصود بالضربات المركزة أن تضعف "مكامن" قوة التأثير إسلاميا على عامة المسلمين في الغرب وعلى المجتمع الغربي عموما . قد يمكن الاستعانة بالقضاء لمواجهة مشكلة إقدام فريق محدود من "جمهور العوام" الغربيين على الاعتداء على أفراد من عامة المسلمين في الغرب ، بناء على انتشار السلوك السياسي الذي يحوّل الشبهات دون دليل إلى اتهامات لا تحتاج إلى نقاش. إنما سيبقى السؤال عمّا يمكن صنعه، عندما تتحرك السلطات - ليس ضد "أفراد من عامة المسلمين" - وإنما ضد من تختارهم بعناية، فتوجه لهم تهمة الإرهاب بالشبهة، بحيث يتم تقييد نشاطهم ولا سيما على الصعيد المالي؛ وبحيث يتحول نشاطهم الإسلامي والإنساني - كما هو الحال مع جمعيات خيرية - إلى وسيلة من وسائل تخويف عامة المسلمين من الاتصال بهم أو التعاون معهم.
الخوف ذريعة للقضاء على الحريات
والعنصر الثاني في تهيئة الأجواء للمرحلة القادمة ، يتمثل في أنّ الأسلوب المتبع في طرح اسم "بن لادن" و"تنظيم القاعدة" لا يكشف فقط عن جانب "التعويد" على توجيه الاتهامات دون الكشف عن أدلة قاطعة - بدعوى سلامة التحقيقات وما شابه ذلك - إنما يكشف في الوقت نفسه عن الإصرار على "تهييج" المشاعر في إطار إيجاد ما يسمى "صورة العدو البديل أو الرمز الإرهابي الأكبر" عند العامة من السكان، مع ربط هذه الصورة بأشدّ مشاهد "العمليات الإرهابية" تأثيرا في النفوس، ليكون عامل الخوف دافعا كافيا للسكوت على الإجراءات المضادة .. ليس عسكريا فقط تجاه بلدان إسلامية، بل وتجاه فئات مختارة من المسلمين داخل المجتمعات الغربية نفسها ، حيث تظهر تلك الإجراءات باعتبارها "دفاعية لوقاية أهل البلاد من ذلك الإجرام"..
إن بعض ما يجري تنفيذه الآن وما بدأ تقنينه لتنفيذه في قادم الأيام يصل إلى هذه الصورة وما قد يكون أبعد مدى منها. ففي ألمانيا مثلا - وهي في ميدان تقييد الحريات الشخصية أشد حساسية من سواها في الأصل بسبب العهد النازي - وتحت شعار "لا نستهدف الإسلام والمسلمين بل مَن يستغل الدين لأغراض إرهابية" ، انطلقت حملةٌ كبيرة لتمرير سلسلة من القوانين والتعديلات القانونية الجديدة ، ما يتناقض في الأصل مع مبادئ "دولة القضاء والقانون" و"الحريات الشخصية".
ولكن لا ينتظر أن يجد تقنينها معارضة كبيرة، على النقيض مما هو معروف في حالات مشابهة ، مثل تقنين إجراءات التنصت لمكافحة الجريمة المنظمة . الآن يراد علاوة على تسهيل التنصت وحجز الأموال، القيام بتخزين المعلومات الشخصية على نطاق واسع يتجاوز حدود الشبهة على أساس القرينة إلى مستوى الشبهة على أساس "الانتماء الديني .. والعمر".
فالحديث يدور عن ممارسة رقابة غير معتادة ، تشمل من البداية "المسلمين بين 20 و40 سنة، ممن ليس لهم سوابق ، ولا ارتكبوا ما يلفت النظر ، بل أمثال هؤلاء مقصودون مباشرة، بدعوى احتمال وجود من يوصفون بـ"الإرهابيين المدربين النائمين" بانتظار ساعة الصفر ، عندما يأتي الأمر بالتحرك لارتكاب ما سبق إعدادهم لارتكابه .. وهو تبرير لا يصمد عادة لحظة واحدة أمام المعارضة الشديدة لمثل تلك المراقبة الشاملة للصور وبصمات الأصابع ، والحسابات المالية ، واحتمالات التنصت ، وغير ذلك ، مما يعتبره المعارضون عادة مدخلا خطيرا لتقييد الحريات الشخصية تقييدا استبداديا يضع الفرد في قبضة السلطة ، ويفتح أبواب الاستغلال والابتزاز على أوسع نطاق.
وعندما تتحرك آلية التقنين وآلية التطبيق في هذا الاتجاه ، بعيدا عن تحقيق قضائي مضمون ، لا يصعب التلويح بشبهة حقيقية أو زائفة ، واستخدام القانون أداة لفرض الحصار حول "العمل الإسلامي" المشروع في الأصل ، كجمع التبرعات لصالح ذوي ضحايا الأحداث الجارية في فلسطين أو كشمير أو ربما الفيليبين مثلا؛ أي على وجه التخصيص عندما يكون الحاصلون على المساعدة من العامة قريبين من أناس ارتكبوا عمليات ترفضها السلطات السياسية الغربية، وتعتبرها "إرهابا" كما هو معروف .. وهذا بعض ما يعنيه ربط أسماء عشرات التنظيمات الإسلامية بعنوان: "مكافحة الإرهاب" في الوقت الحاضر ، وبما يشمل عددا من المنظمات الإسلامية الخيرية المحضة العاملة في الدول الغربية.
تحديات الوجود الإسلامي في الغرب
إن المسلمين في الغرب يواجهون في المرحلة المقبلة عددا من المخاطر في وقت واحد :
- توجيه ضربات محتملة إلى مكامن قوة الوجود الإسلامي في الغرب ، لا سيما في ميادين التنظيم والتواصل مع البلدان الإسلامية والميدان المالي .
- نشر موجة جديدة من المخاوف من الوقوع في شبهة "الإرهاب" في أوساط المسلمين ، لعزل العمل التنظيمي الضروري - لتحقيق مختلف الأهداف المشروعة للمسلمين في الغرب وعموما - عن مصدر الطاقة البشرية التي تمثل عموده الفقري.
- مضاعفة سلبيات العلاقات المتفاوتة ما بين الإهمال والاحتواء والخصومة وحتى الملاحقة ، بين قطاع كبير من الوجود الإسلامي في الغرب وحكومات البلدان الإسلامية ، وذلك من خلال توظيف "شبهة الإرهاب" في تعزيز التناقضات القائمة من الأصل بين تلك الحكومات - لأسباب عديدة معروفة - وسواد القائمين على العمل الإسلامي على مستوى الوافدين إلى الغرب خلال العقود الماضية.
- إحداث نكسة يمكن أن تكون مستهدفة بحد ذاتها على طريق تطوّر فعالية الوجود الإسلامي في الغرب ، وما تحقق عبر العقود الماضية من تقدّم ملموس في صفوف العمل الإسلامي ، بالإضافة إلى انفتاحه على المجتمع من حوله ، وظهور البوادر الأولى لتأثيره على صناعة الرأي العام وصناعة القرار.
إمكانات قائمة ومحتملة
رغم ذلك، من المستبعد أن يصبح مستقبل الوجود الإسلامي في الغرب "مظلما" على المدى المتوسط أو البعيد ، بل على النقيض من ذلك ولأسباب عديدة:
في مقدمتها ما يمكن وصفه بالمناعة الذاتية ، وهي من العوامل الرئيسية التي سبق وحافظت على وجود المسلمين ورسخت هويتهم الإسلامية داخل الغرب ما بين مرحلة الضياع أو الضعف الشديد إبان الحرب العالمية الثانية والوقت الحاضر ، أي في حقبة لم تنقطع خلالها سلسلة المخاطر المتوالية التي هددت الوجود الإسلامي من الأساس من خلال الجهود المبذولة لتذويب المسلمين في المجتمع من النواحي العقدية والثقافية والسلوكية ، فضلا عن الجهود المباشرة للقوى الكنسية والعلمانية للتضييق على العمل الإسلامي.
وإلى جانب المناعة الذاتية، نجد في الوقت الحاضر أن القوى الكنسية نفسها بدأت تتجه نحو الحوار مع الجهات الإسلامية ، بعد أن وصلت الحملة "العلمانية الأصولية" في الغرب إلى البقية الباقية من مواقع القوى الكنسية في مناهج التدريس مثلا. وبالمقابل نجد أيضا أن نسبة جهل عامة الغربيين بالإسلام بدأت تتضاءل عاما بعد عام ، سواء تحت تأثير الاحتكاك المباشر أو بتأثير مفعول الصحوة الإسلامية في بلاد المسلمين وفي الغرب ، أو نتيجة تطور وسائل الاتصال ونقل المعلومات.
يضاف إلى ذلك، أن الحفاظ على الوجود الإسلامي وربطه بالهوية الإسلامية داخل المجتمع الغربي اعتمد في العقود الماضية على نسبة محدودة من الوافدين ، بينما أصبح يعتمد الآن على نسبة عالية من الشبيبة؛ وهو ما يضمن تواصل العطاء في العقود القادمة من جهة ، ويضمن توفير قدرة أكبر على التعامل مع المجتمع الغربي.
بين الاندماج والانعزال
إن المشكلة التي قد تؤثر على الوجود الإسلامي في الغرب - بعد التطورات الأخيرة وبعد تضييق حلقة الحصار حول المسلمين عموما - هي المشكلة المرتبطة بعلاقات المسلمين ببعضهم بعضا على الأرجح.
فما يزال القسم الأعظم من صناعة القرار وتوجيه العمل الإسلامي في الغرب -كما كان في العقود الماضية- في أيدي "الوافدين" على الغرب ، وهذا رغم التبدّل الكبير في شريحة البنية الهيكلية للمسلمين. وإذا أردنا استشراف ردود الفعل الإسلامية المنتظرة على الضغوط الخارجية المتصاعدة المشار إليها ، يمكن رصد نقاط ضعف معينة في سياسات "القيادات التنظيمية الإسلامية" ، قد يكون منها ما لا يزال تغلب عليه النظرة الضيقة ، أو العصبية الحزبية ، أو ما شابه ذلك ، ولكن الأبرز للعيان - فيما يتعلق بالحديث المطروح هنا - وجود فريقين متباينين تماما من هذه القيادات يمثلان :
1) غلبة منظور المصلحة الإسلامية وفق الانتماءات التنظيمية ذات العلاقة بالبلدان الإسلامية مباشرة، على المصلحة الإسلامية وفق الوجود الإسلامي في الغرب.
2) غلبة منظور مصلحة التلاقي مع القوى الأخرى في المجتمع الغربي، على منظور ترسـيخ الانتماء الإسلامي الشامل.
ومن شأن الاتجاه الأول أن يسبب عزلة سلبية عن المجتمع الغربي ، ومن شأن الاتجاه الثاني أن يسبب عزلة سلبية عن المسلمين في البلدان الإسلامية .. وكلا الأمرين مرفوض لضرره ، إنما يتحرك كلا الاتجاهين على مستوى "توجيه الشبيبة" المرشحة لاستلام مزيد من المواقع القيادية تدريجيا ، وهو ما يعني خطرا إضافيا، ألا وهو توريث هذه المشكلة لجيل مقبل.
بينما لا يبدو أن في الإمكان مواجهة الموجة المقبلة من الأخطار الخارجية بصورة إيجابية لصالح الوجود الإسلامي ، إلا بقدر ما يتوفر من "توازن" بين هذين الاتجاهين المتناقضين ، كي لا تزيد الضربات الخارجية المركزة من تطرّف المتطرفين من جهة ، و"ميوعة المواقف" بدعوى الحفاظ على ثمرات الحوار من جانب فريق آخر من جهة ثانية؛ وذلك مع قابلية أن تستغل السلطات والقوى الأخرى في المجتمع الغربي هذا التناقض عبر توظيف مواقف الفريقين على التبادل ، لتحقيق أغراض إعلامية وسياسية ، تارة في هذا الاتجاه وتارة في الاتجاه الآخر، على حسب الرغبات الآنية، ولتحقيق أهداف مرحلية ما.
-------------------------------------------------------------------------------- مع تحيات..........
مصطفى حمدى ابوغلاب | |
|