كيف يمكن للأسماك وهي تحت الماء أن تتنفس إذا لم يكن هناك هواء؟ ، بل كيف يمكنها ألا تتنفس إذا خرجت من الماء وكل هذا الأكسجين الموجود في الجو يحيط بها من كل جانب؟ ، هل تتنفس الأسماك شيئاً غير الأكسجين الذي نتنفسه نحن البشر؟ ، كلنا نعرف أن الأسماك لديها خياشيم تستخدمها في عملية التنفس ، ولكن كيف يحدث هذا؟ ، تساؤلات كثيرة ولا بد لها من إجابة.
إذا أردت أن تغطس تحت الماء فلا بد لك من إستخدام أنبوبة الأكسجين التي يستخدمها الغواصون حتى تخزن فيها كمية من الأكسجين تكفيك فترة تواجدك تحت الماء ، فالهواء الذي تخزنه في رئتيك يكفيك لفترة محدودة للغاية ، أما الحيتان والدلافين فهي تحتاج بين الحين والآخر إلى الصعود فوق سطح الماء حتى تملأ رئتيها بكمية من الهواء تكفيها فترة تواجدها تحت سطح الماء ، ولكن الأسماك لا تمتلك رئتين أصلاً فكيف تتنفس إذاً؟
في حقيقة الأمر إن الماء المحيط بالسمكة يحتوي على نسبة ضئيلة جداً من الأكسجين المذاب ، وهذه النسبة تكون حوالي 5 مليلتر من الأكسجين لكل لتر ماء ، وهي أقل بكثير من نسبة الأكسجين الموجودة في الهواء الذي نتنفسه والتي تبلغ 210 مليلتر لكل لتر هواء جوي ، لذا فالسمك يحتاج إلى نظام خاص في التنفس ، يختلف عن نظام التنفس الخاص بالكائنات التي تحمل رئتين وتعيش في وسط تركيز الأكسجين فيه مرتفع.
هذا النظام يبدأ بالماء المحيط بالسمكة حيث أنه يدخل في فم السمكة ، ثم يمر هذا الماء على النتوءات الغضروفية التي تكون بداخل قوس الخيشوم ، وتعد هذه النتوءات بمثابة الفلتر المنقي للماء من المواد الغريبة مثل بقايا الغذاء أو غيرها من الجسيمات التي قد تدخل إلى فم السمكة مع الماء.
بعد ذلك يمر الماء المنقى إلى أقواس الخياشيم (لاحظ الرسم التوضيحي بالأعلى) ، وأود هنا إلقاء بعض الضوء على تكوين الخيشوم ، فكل خيشوم يتألف من صفين من الأغشية الرفيعة جداً وهي تسمى (فتائل الخيشوم | Gill Filaments) ، تكوين هذه الفتائل يتألف من عدة صفوف رقيقة متتالية محملة على شبكة من الأغشية الشعرية والتي تتدفق الدماء داخلها ، وتسمى هذه الصفوف (لاميللا | Lamellae).
(ملحوظة : حيث أني لم أجد تعريب لهذه الكلمة - Lamellae - فأوردتها كما هي ولكن بحروف عربية ، فأرجو ممن لديه معرفة بالتعريب الصحيح - إن كان لها - أن يراسلني به مشكوراً)،
تسمح الفتائل الخيشومية للماء بالتدفق عبر اللاميلا مما يؤدي لإجراء عملية تبادل الغازات ، فيتم تبادل ثاني أكسيد الكربون والأكسجين مباشرة عبر الأغشية الشعرية ، ويمر الأكسجين المذاب إلى الدم عن طريق هذه الشعيرات ، ويتم طرد ثاني أكسيد الكربون من الدم إلى اللاميلا ثم إلى الماء المتدفق خروجاً من خياشيم السمكة.
هذه العملية تتكرر باستمرار ، وهي ما تُعرف باسم عملية تنفس الأسماك