1- تحديد ما تود إنجازه (التخطيط).
2- وضع الخطط موضع التنفيذ (التنظيم).
3- إرشاد الآخرين إلى ما يجب فعله (التوجيه).
4- الحرص على أن يكون الإنجاز ضمن المستوى المطلوب (المراقبة).
تعتبر عملية التخطيط حجر الزاوية التي بوساطتها تدرك ما تود إنجازه؛ فبدونها تصبح المهام السابقة الأخرى مضيعة للوقت.
(التخطيط الإداري لـ Keet.konan ).
من هذه النقاط الأربع منطلق المقالة، وحولها مدار المشكلات التي أعني-هنا- وأساس علاجها، وبعد تأمل لما سبق ظهر لي أن الإشكال في بعض المؤسسات - (بأنواعها: الدينية،التطوعية،الاجتماعية..الخ)
يكمن في الأمرين الأولين والخلل فيهما يؤدي إلى تدني مستوى المخرج أو فشله أحيانًا.
وإن تتبعنا توفر ذلك في بعض تلك المؤسسات لوجدنا التالي(في أغلب مشاريعها):
التخطيط: خطط عامة تفتقر لتحديد الهدف بدقة أو تعيين الثمرة بصورة واضحة.
التنظيم: وبحكم عموم الخطة يعمم التنظيم، وتبدأ المشكلة.
التوجيه: هنا نشكو من أمرين يترتب أحدهما على الآخر:
1- عدم وضوح صورة المهمة (المطلوب) لدى الموظف؛ مما يؤدي إلى فقدان القدرة الإبداعية في الغالب، ويتحول الموظف إلى مجرد آلة تتلقى توجيهات معينة، وتتبعها كما هي دون إضافات.
2- المركزية غير المقصودة: إذ يضطر الموظف للرجوع إلى رئيسه في كل أمر صغر أو كبر صعب أو يسر، فيعاود الرئيس إملاء التوجيهات وإصدار القرارات الثانوية التي قد يغنى قرار الموظف مادامت تخدم الهدف الأساس، مع مراعاة توافقها لسياسة المؤسسة ونهجها.
المراقبة: وقد تكون على أحد النقيضين:
1- مراقبة حازمة، صارمة يسعى فيها لتطبيق الأوامر كما هي فقط دون تقديم مزيد من ............ إبداع أو ابتكار.
2- مراقبة متساهلة جدًا يقبل فيها كل عمل دون تمييز بين التطبيق التقليدي وبين المبتكر.
على ضوء ما سبق سنعرض عدداً من المشكلات الإدارية في المؤسسات دينية كانت أو غير ذلك:
1) مشكلة التخطيط:
** تعريف التخطيط:
"هو عملية تحديد واقع جهة العمل، والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، والوسائل التي ستستخدمها لتحقيق تلك الأهداف".
(مهارات التفكير والتفاعل للمديرين، لـ رضوان أبو حطب)
** وعلى ضوء تعريف التخطيط تظهر أهميته فـبه:
- يحدد الهدف بدقة.
- تحدد الإمكانات المتاحة.
- تحدد الوسائل المستخدمة.
- تحدد الكوادر القادرة على التنفيذ.
- يحدد الزمن المقدر للإنجاز.
لفتة: أهمية التخطيط بالنسبة للمؤسسات الدينية بشكل خاص:
(ما كان لله فهو أولى بالحسن والإتقان)
ربما هذه الكلمة تغني عن قول الكثير، فوسم المؤسسة بالدينية أو التطوعية يجعل منسوبيها أحرص على أداء المهمة على أكمل وجه مستطاع، بخلاف المفهوم السائد لدى البعض بأن تدني مستوى الأداء لن يؤثر مادام العمل لله ولا رقابة، وكأن لسان حالهم يقول: (قليل جهد مبذول خير من كثير عمل مضن والأجر بالنية واصل)، وربما من أسباب التقصير هنا قلة العائد المالي أو عدمه في العمل التطوعي، فيكون هذا حجة للتخلص من التزامات العمل (المتفاني)، وتناسى هؤلاء أن ما بذل لله هو أحق بالعناية والاهتمام وحسن التخطيط والأداء ليحقق الهدف، ويحصل به الأجر.
** أين يتجلى فقدان التخطيط أو تعثره؟
في المشاريع الاجتهادية التي تكون وليدة اللحظة (فيها تولد وفيها يبدأ التنفيذ) دون إتاحة الفرصة الكافية للنظر في الأمر من كل جوانبه، ودون إمهال يؤدى به الهدف بصورة أقرب للإتقان.
تهمة وتحليل-والحكم متروك لأهله-:
أن مشكلة التخطيط تعظم وتشتد إذا اجتمع أمران:
عمل نسوي + تطوعي
سبب المقالة مناقشة مشكلة التخطيط وقصوره في بعض الأنشطة الدينية أو التطوعية، ومن خلال السؤال ومناقشة الوضع تبين أن هناك من يرى أن اجتماع عاملين كون العمل تطوعي ونسائي، فهذا أدعى لتولد المشكلات ليس لقصور في الكوادر النسائية التي لا تقل عن غيرها.
ولكن لأسباب منها:
.1- طموح النساء اللا متناهي وخططهن الخيالية بحيث يرغبن في تحقيق كل ما يخطر على الذهن من مشاريع، دون النظر لجوانب هامة كتوفر الإمكانيات من كوادر عاملة أو سيولة مساعدة.
.2- العاطفة الجياشة بحيث تتولد فكرة ما من موقف ما، ويسعى لتنفيذها استجابة لنداء العاطفة، ولا ننكر أن للعقل في هذا نصيباً، ولكن تطغى عليه العاطفة في بعض الأحايين، وبذا يفشل التخطيط، أو ينجز العمل على مستوى أقل من المأمول لتنحية (لب التخطيط) وهو العقل.
3- الاكتفاء بالنية الحسنة دون تعزيزها بالتخطيط الدقيق المتقن.
4- عدم دراية بعض القائمات على تلك المناشط بالموارد المادية الرسمية التي تساهم بشكل كبير في تقوية البناء وضمان استمراريته-بعد توفيق الله- وحفظه من الأزمات المالية التي قد تهدم أي مشروع مرت بأرضه.
= = = = = =
2) مشكلة التوجيه:
(الموظف بين سندان الرتابة ومطرقة التوجيه)
التوجيه المعتدل غير الحازم ولا المتساهل مطلب هام – في نظري- لإنجاز العمل بالإتقان المطلوب مع الابتكار المميِّز.
بينما إثقال كاهل الموظف بإملاءات معينة، وتكبيل طاقاته بصورة نمطية مكررة، يؤدي للنقيض، وقد يتسبب على المدى البعيد في قتل روح المبادرة لدى الموظف، ودفن قدراته الإبداعية إلى الأبد، إلاّ أن تداركه رحمة من ربه.
= = = = = =
3) مشكلة المركزية:
بنوعيها (المقصودة وغير المقصودة)
أولاً: المقصودة:
وهذه لا ننفي وجودها، خاصة في الشخصيات التي تعتمد على ذاتها في كل شؤونها، ولا تعترف بالتفويض كمهارة من مهارات الإدارة، وتفضل أداء كل شيء، وإن قلت أهميته خوفًا عليه من قصور (قد) يعتريه أو فشل (قد) يهدده، وهذا بالتأكيد معضلة كبيرة للطرفين (الرئيس والمرؤوس).
فالأول: يهدر وقته، فيما بإمكان غيره أن يكفيه عناء أدائه، وقد يهدر كذلك صحته.
الثاني: يحرم من فرصة التدريب والتطوير، ويصبح مجرد مؤدٍ، خالي البال عن محاولة التغيير أو الإبداع؛ لأنه لا يكلف بغير العمل الروتيني السهل، المعتاد، الرتيب.
ثانيًا: غير المقصودة:
والفرق بينها وسابقتها أن الموظف هنا هو الذي يرجع لرئيسه –مجبرًا- كنتيجة حتمية لخلل في التخطيط أدى لعدم وضوح تفاصيل ما كلف به من عمل، فيضطر للسؤال كلما مرت به مشكلة أو ثار في ذهنه تساؤل، ثم يقوم الرئيس بإيجاد الحل المناسب، وتتكرر الصورة طوال سير العمل حتى ينجزه الموظف (ظاهريًا) والطرفان (فعليًا).
وهنا يظهر لنا أثر من آثار الخلل في المرحلة الأولى من مراحل التخطيط؛ إذ إن افتقار العمل لخطة تفصيلية والاعتماد على خطة أو (فكرة) عامة أدى إلى عدم وضوح الرؤية، وبذا لتمركز التطبيق الفعلي في شخص الرئيس أو (المخطط).
= = = = = =
4) مشكلة التحفيز المعنوي:
فهو كما لا يخفى علينا بمثابة الدافع الثانوي لتقديم الأجود وبذل الأفضل، بعد أن يتزود بوقود الإخلاص لله جل وعلا، وحتمًا فلا غنى لأي عمل من تقييمه إما بالثناء الحسن أو النقد البناء.
وفي الوسط النسوي، فوقع الثناء أعظم في نفس المرأة العاملة؛ لأنها تولي كل أمر معنوي ذمًا كان أو مدحًا أهمية أكثر من الموظف الذكر، وهذا يعود بطبيعة الحال على فطرتها العاطفية التي تظهر ولابد، بغض النظر عن الإجراء المتخذ حيالها من قبل البعض للحد من ظهورها على السطح.
لذا ربما من الأنسب كحل وسط أن يُغطّى هذا الجانب بطريقة متوازنة دون إفراط في الثناء قد يقعد عن بذل المزيد، ولا تفريط في ذلك يؤدي للتحبيط.
= = = = = =
أختم مقالتي هذه بجملة توصيات رأيت فيها إيجازًا حول تلك المشكلات، وهي:
1- التخطيط المتقن التفصيلي لكل عمل، وإن استغرق ذلك وقتًا طويلاً؛ لأنه في المقابل سيختصر الكثير من الوقت والجهد، والبعد كل البعد عن المشاريع الاجتهادية (الارتجالية).
2- تحديد الهدف بدقة وفق المتاح، أو توفير الإمكانات المناسبة للهدف المراد تحقيقه، بمعنى آخر واقعية الهدف ماديًا ومعنويًا.
3- الشورى مبدأ مهم في كل عمل جماعي، يفكر بها الكل بصوت عالٍ، فيوحي ذلك بأفكار متميزة، كذلك فتح باب للحوار والنقد البناء والإصغاء لرأي الموظف ومقترحاته التطويرية.
4- التركيز على النتيجة والمحصلة النهائية دون التفاصيل الدقيقة لسير العمل, وذلك بإعطائه الضوء الأخضر، وتفويض الأمر إليه فتتاح للموظف فرصة لإصدار قرارات شخصية –ثانوية- وتزويده بصلاحيات أوسع في إطار المطلوب، بحيث لا تتعدى لغيره أو تقتصر عليه بــ (كلاسيكيته)، وبذلك ننمي فيه حس المسؤولية بعيدًا عن الاتكالية المقيتة، ونوفر له مساحة حرة تكون ميدانًا خصبًا لإبداعاته المتوقعة ومتنفسًا لقدراته الكامنة.
5- رفع كفاءة الموظف وإعداده لكل مرحلة بشكل مناسب يجعله قادرًا على مجارات الطموحات المتجددة والخطط المستقبلية للمؤسسة، ويكون ذلك على سبيل المثال بإعداد دورات تدريبية مصغرة تفي بالغرض، ويحقق منها المأمول.
6- إحاطة الموظف بمحفزات معنوية وعبارات داعمة، تزرع في نفسه الانتماء لمحيطه المؤسسي، وتحقق الولاء الوظيفي، فتزيد رغبته في تقديم الأفضل، ويبذل قصارى جهده لإتقان العمل.
هذا بعض ما تسنى جمعه من المشكلات الإدارية التي-أظن- أن بعض المؤسسات تعاني منها، سِيقت هنا على سبيل المثال لا الحصر، أريدَ بها تسليط ضوء-خافت- سعيًا للفت الانتباه وتدارك الأمر قبل أن تصبح ظاهرة واسعة الانتشار؛ فيصعب العلاج ويطول زمنه.
سائلة المولى جل وعلا النفع بما كتب، والعفو والتجاوز عما تضمنه من خطأ أوزلل.
والحمد لله رب العالمين،،