في الحديث القدسي: قال الله – تعالى -: ((يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار))؟
الجواب قوله في الحديث المشار إليه في السؤال: ((يؤذيني ابن آدم)) أي أنه سبحانه يتأذى بما ذكر في الحديث، لكن ليست الأذية التي أثبتها الله لنفسه كأذية المخلوق، بدليل قوله – تعالى -: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] فقدم نفي المماثلة على الإثبات، لأجل أن يرد الإثبات على قلب خالٍ من توهم المماثلة، ويكون الإثبات حينئٍذ على الوجه اللائق به – تعالى -، وأنه لا يماثل في صفاته، كما لا يماثل في ذاته، وكل ما وصف الله به نفسه ليس فيه احتمال للتمثيل، إذًا لو أجزت احتمال التمثيل في كلامه سبحانه وكلام رسوله، صلى الله عليه وسلم، في صفات الله، لأجزت احتمال الكفر في كلام الله سبحانه وكلام رسوله، صلى الله عليه وسلم؛ لأن تمثيل صفات الله – تعالى - بصفات المخلوقين كفر لأنه تكذيب لقوله – تعالى -: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11].
وقوله: ((أنا الدهر)) أي مدبر الدهر ومصرفه. كما قال الله – تعالى -: {وَتِلْكَ الاْيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140] كما قال في هذا الحديث: ((أقلب الليل والنهار)) والليل والنهار هما الدهر.
ولا يقال بأن الله نفسه هو الدهر، ومن قال ذلك فقد جعل المخلوق خالقًا، والمقلَّب مقلِّبًا.
فإن قيل أليس المجاز ممنوعًا في كلام الله وكلام رسوله، صلى الله عليه وسلم، وفي اللغة؟
أجيب: بلى، ولكن الكلمة حقيقة في معناها الذي دلَّ عليه السياق والقرائن، وهنا في الكلام محذوف تقديره ((أقلب الليل والنهار)) ولأن العقل لا يمكن أن يجعل الخالق الفاعل هو المخلوق المفعول.