عود ريحان عضو برونزى
مساهماتى بمنتدى الجامعه : 291 العمر : 32 دعاء المنتدى : اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي و إسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شئ قدير تاريخ التسجيل : 02/07/2010 نقاط : 27004
| موضوع: فلسفة الألم (الألم الرومانسى) السبت يوليو 24, 2010 6:32 pm | |
| الألم الرومانسي
تشير نوازع الإنسان وأشواقه إلى طاقة داخلية تتحرك. ففي أعماق الإنسان آمال وعواطف تهفو إلى التحقق وتأمل بالاستمرار. إن عواطف الإنسان تتجه إلى تحقيق ذاتها في الآخر الذي يشكل معه وحدة بدئية تحولت إلى ثنائية، وذلك لكي تعبر عن علاقة صميمية بهذا الآخر. فلقد أبدع الشعراء والأدباء في التعبير عن مكنونات القلب الإنساني، وصوَّروا سعادة الإنسان وشقاءه في ظل الحب والتعاطف. ولذلك، فإننا نجد أعظم وأجمل ما عبَّر عنه قلب الإنسان في اللهفة والشوق، في اللقاء والبعاد، في بثّ الخواطر وفي النجوى. فكأن الإنسان يبث لواعج قلبه لنفسه من خلال الآخر الذي هو نصفه الثاني.
الصديق يتألم لبعاد صديقه وفراقه، والمحبُّ يتألم ويتحرق لرؤية حبيبته، والحبيبة تتألم لأنها لا تحقق عواطفها، والأم تتألم لفراق زوجها أو ابنها أو ابنتها، وكل إنسان يجد في الآخرين ملاذاً له، وذلك لأنه يبحث عن نفسه في الآخر. هنالك نداء القلب للقلب، والروح للروح، هنالك نداء عميق للآخر في الإنسان، والإنسان يتألم من عدم تحقيق هذا ا لنداء الداخلي.
ولقد أبان الشعراء والروائيون مآسي الإنسان المتعاطف وآلامه في الملاحم الكبرى العظيمة، وكشفوا عن مأساة البطولة في الحب والعاطفة والتضحية. وندب أولئك الشعراء والأدباء مصير الإنسان الذي تألم في سبيل هذه الأمور. وزيَّنوا العواطف واللواعج والأشواق بأجمل الألفاظ، فحملت هذه الألم في ثناياها، وأشعرتْ من يقرؤها بالألم – ذلك أن الإنسان يشعر بالآخر من خلال وضعه. لذا، نرى الناس يميلون إلى قراءة المأساة ويعرضون عن الملهاة ما لم تكن مأساة بذاتها. فكأن الحياة ألم رومانسي. إنهم يتحركون في عواطفهم، في أعماقهم، ويتوقون إلى، بل "يحبون"، ذلك الألم الصافي.
كان ألفرد دُهْ موسِّه شاعر الألم الرومانسي. كان شاعراً علَّمنا أن الألم العظيم يجعل الإنسان عظيماً... ونستطيع أن نرى في أساطين الموسيقى والرسم والكتابة نماذج أخرى لموسِّه. لقد عبر أولئك عن شعور دفين بالألم. ولم تكن عبقريتهم لتتفتَّق لو لم يتألموا.
لماذا تألم هؤلاء؟ هل تألموا من القيود الاجتماعية؟ هل إن إبداعهم كان وليد حب، أو عاطفة، أو خيبة أمل، أو شعور باطني عميق بالمأساة؟ إنهم شعروا برقَّة الألم وتلمَّسوا مأساة الوجود من خلال صراع داخلي بأن الإبداع لا يتم إلا في الألم.
كان ألمهم تعبيراً عن واقع الإنسان؛ كان تعبيراً عن صدمة الإنسان تجاه الواقع. فالحب الذي لا يتحقق، والفكرة الجميلة التي لا تلقى صدى لها، والمشاعر النبيلة التي تُدفَن، والعواطف الإنسانية التي تخبو، والعبقريات التي لا تلقى الاستحسان، عبرت عن ذاتها بألم رومانسي نبيل ووجداني. ويؤسفنا القول إن هذا الألم الرومانسي المبدع يتلاشى يوماً بعد آخر، ذلك، لأن مشاعر الإنسان بدأت تميل إلى التحجُّر، وتطلُّعاته أمست تتأجج في عالم لا يعبِّر عن حقيقته. إن ألماً من هذا النوع يرفع الإنسان إلى مستوى الشعور بإنسانيَّته من خلال التعبير عن نبل عواطفه وسموها.
| |
|