قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي". رواه مسلم
الحمد لله الذي بلغنا رمضان والحمد له فقد أعاننا على الصيام والقيام، والحمد لله الذي أذاقنا حلاوة العبادة في هذا الشهر العظيم.
انتهى الشهر العظيم وانتهت أيامه المعدودات كلمح البصر... صبرنا على الجوع والعطش تحملنا لنفوز برضا الله وليجازينا الجنان.
لما قضى الصائم شهر رمضان صائماً موفقاً إلى الخيرات، مطهراً نفسه عن المحرمات من الكبائر والصغائر، كان لا بد من تطهير صيامه من اللغو والرفث وصغائر الأمور كي يكون صومه على أكمل وجه. لذا شرعت زكاة الفطر لتجبر الخلل البسيط الذي تخلل الصيام في رمضان، إذ يقول ابن عباس رضي الله عنه: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين"
ومن مشروعيتها أيضاً مواساة الفقراء والمساكين: حيث شرعت للرفق بهم ولإغنائهم عن السؤال في يوم العيد، ولتخفيف المعاناة وألم الفقر والبؤس عنهم، ولإدخال السرور عليهم في يوم يسر الناس فيه ويفرحون.
زكاة الفطر: صدقة تجب بالفطر من شهر رمضان.
فقد عرفت بالصدقة الواجبة بسبب الفطر من رمضان، لأن الصدقة الواجبة بمعنى الزكاة. لهذا يطلق على زكاة الفطر ((صدقة الفطر)) كما يطلق عليها ((زكاة الأبدان)) لأنها تتعلق بالأشخاص، ويطلق عليها أيضا ((الفطرة))
حكمها: اتفق الفقهاء أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم قادر.
دليل مشروعيتها:
روى البخاري عن ابن عمر قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين".
وقال صلى الله عليه وسلم: "أدّوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير نصف صاع من بر أو صاعاً من تمر أو شعير".
جاء بصيغة الأمر والأمر هنا يقتضي الوجوب
متى تخرج زكاة الفطر؟
تجب زكاة الفطر من رمضان ويكون ذلك بغروب شمس آخر يوم من شهر رمضان لأنه لا صيام بعده وينتهي وقتها بصلاة العيد.
ولا يعني هذا عدم جواز إخراجها في غير ذلك اليوم وإنما تجوز تقديمها من أول رمضان إذا دعت الحاجة إلى ذلك كأن ينوي نقلها إلى أقاربه في بلد آخر أو إلى من هو أشد حاجة فيجوز حينئذ تقديمها من أول الشهر ليتمكن من توصيلها إلى المستحقين في البلد المنقولة إليه يوم العيد
هل نخرج القيمة في زكاة الفطر؟!
ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر لأن الأحاديث نصّت على أجناس بعينها من القمح والشعير، والزبيب، والأقط فلا يجوز الإخراج من غير هذه الأجناس
أما فقهاء الحنفية أجازوا إخراج القيمة من النقود أو العروض في زكاة الفطر لأن المقصود منها سدّ حاجة المحتاجين يوم العيد، وهذا يتحقق بالقيمة كما يتحقق بالأجناس المنصوص عليها، وربما كانت إخراج القيمة مصلحة كبيرة للفقراء والمساكين ويؤيد ذلك ما روي عن معاذ بن جبل الذي كان يقول لأهل اليمن:
"ائتوني بثياب خميس أو لبيس مكان الذرة والشعير أهون عليكم وخيرا لأصحاب رسول الله في المدينة".
مصارفها:
ذهب الحنفية والشافعية إلى أن زكاة الفطر كغيرها من الزكوات الواجبة تصرف في المصارف الثمانية التي نص عليها القران: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
أما المالكية والحنابلة في رواية الاقتصار في صرفها على الفقراء والمساكين لأن المقصود منها مواساة الفقراء والمساكين يوم العيد وإدخال السرور عليهم في ذلك اليوم بتوفير ما يحتاجونه.
فلا تحرموهم الفرح والسعادة في يوم ستفرحون به أنتم وأولادكم..!