بسم اللة الرحمن الرحيم
كل شىء عن الادارة الرياضيه
اعداد
محمد عبده
اولى ماجستير تربيه رياضيه بقنا
قسم الاداره الرياضية والترويح
مقدمة
حظيت الإدارة باهتمام كبير مع أنها حديثة النشأة كعلم مستقل، ويعزى هذا الاهتمام إلى طبيعتها، ووظائفها، وغاياتها، فمن حيث طبيعتها تُعد الإدارة فرعاً من فروع العلوم الإنسانية، وتتسم بالحتمية بمعنى أن إنجاز الأعمال في المنظمات لا يتأتى إلا بها، وبذلك فليس للمنظمة الخيار في أن تأخذ بها أو ترفضها، ومن حيث وظائفها تنطوي الإدارة على مجموعة من الوظائف هي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، وتتسم هذه الوظائف بالتشابك والتداخل، فمع أن لكل وظيفة خصوصية معينة، وتستهدف تحقيق أغراض محددة، إلا أن هذه الأغراض تجتمع معاً لتحقيق أهداف المنظمة.
بناءً على ما سبق يتبين أن الإدارة وسيلة تنشد تحقيق غايات معينة وأغراض محددة لتحقيق أهداف المنظمة، فهي تعمل على استثمار القوى البشرية والإمكانات المادية المتاحة من أجل الوفاء بتطلعات الفرد والجماعة، فالإدارة هي المرتكز الرئيس في تطوير الأفراد والجماعات، والعامل الحاسم في تحقيق التنمية في المجالات كافة.
إن المتتبع لتطور المجتمعات الإنسانية في العالم يستطيع أن يلمس التغير الذي حدث في هذه المجتمعات في كل من فروع المعرفة بما في ذلك التربية والتعليم ويلمس أيضاً النمو والتطور الذي كانت تهدف إليه المجتمعات من أجل تطويرها ونموها في شتى مجالات الحياة . ومما لاشك فيه أن على رأس هذه التطلعات للمستقبل الأفضل كان التطلع إلى تطور ونمو التربية والتعليم فيها.
وقد بدأت الإدارة التعليمية تستقل عن الإدارة العامة منذ أن عرفت المدارس والمعاهد والكليات النظامية الحديثة في القرن العشرين والمقصود هنا المدارس والمعاهد والكليات التي تأسست على الدراسة والبحث العلمي والتجريبي من قبل العلماء والباحثين الذين ألفوا الكتب ووضعوا النظريات ، وأوضحوا المعالم لهذا الفن - فن الإدارة التعليمية - ومهدوا البحث والمعرفة في هذا الميدان إيماناً منهم بضرورة وأهمية الإدارة في أي مجال من مجالات الأعمال المهنية التي تتطلع دائماً إلى التطور والتقدم والازدهار لأن أي عمل ناجح بدون شك له إدارة واعية ناجحة تستطيع أن تخطط وتنظم وتنفذ له تخطيطاً وتنظيماً وتنفيذاً ناجحاً .
مفهوم الإدارة:
أصل كلمة إدارة (Administration) لاتيني بمعنى (To Serve) أي ( لكي يخدم ) والإدارة بذلك تعني "الخدمة" على أساس أن من يعمل بالإدارة يقوم على خدمة الآخرين . (النمر ،1422، ص 4)
وفي ظل الاهتمام الذي حظيت به الإدارة إلا أن تعريفاتها التي قدمها العلماء والرواد قد تباينت، شأنها في ذلك شأن كثير من مصطلحات العلوم الإنسانية، فكل منهم قد تأثر بمدخل معين.
وقد عرفها بعض الكتاب بأنها "النشاط الموجه نحو التعاون المثمر والتنسيق الفعّال بين الجهود البشرية المختلفة العاملة من أجل تحقيق هدف معين بدرجة عالية من الكفاءة ". (النمر ،1422، ص 5)
وهناك من يعرف الإدارة بأنها " عملية توجيه الجهود البشرية بشكل منظم لتحقيق أهداف معينة " (الصباب ،1413،ص 19)
ويمكن تعريف الإدارة بأنها "عملية اجتماعية مستمرة تسعى إلى استثمار القوى البشرية والإمكانات المادية من أجل تحقيق أهداف مرسومة بدرجة عالية من الكفاءة"، (الجضعي، 1427،ص 18) ومن هذا التعريف يُمكن استخلاص العناصر التالية:
• أن الإدارة عملية تتضمن وظائف عدة هي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
• أنها اجتماعية فهي لا تنشأ من فراغ، بل تنشأ داخل مجموعة منتظمة من الأفراد وتأخذ في الحسبان مشاعرهم واحتياجاتهم وتطلعاتهم.
• أنها وسيلة وليست غاية فهي وسيلة تنشد تحقيق أهداف مرسومة.
• أنها عملية مستمرة.
• أنها تعتمد على استثمار القوى البشرية والإمكانات المادية المتاحة.
• أنها تسعى إلى تحقيق الأهداف بدرجة عالية من الكفاءة.
س/ هل الإدارة علم أم فن ؟
الإدارة مزيج من العلم والفن، فهي علم لأن لها مبادئ وقواعد وأصول علمية متعارف عليها، وتقوم على توظيف مناهج البحث العلمي في استكشاف نظرياتها وفحصها، وفي الوقت ذاته هي فن لأنها تعتمد على القدرات الإبداعية والمهارات الابتكارية والمواهب الذاتية، وإذا كان هذا الموضوع مثار جدل بين المتخصصين في حقل الإدارة على اعتبار أن هناك من يرى أن الإدارة علم، وهناك من يرى أن الإدارة فن، ولأنصار كل اتجاه حججهم ومبرراتهم، فإن الفصل في هذا الموضوع هو القول إن الإدارة هي فن استخدام العلم، فهي علم له أصوله وقواعده، ويبرز الفن في القدرة على توظيف تلك الأصول والقواعد، والاختيار الواعي من بينها بما يتلاءم مع طبيعة الموقف. (الجضعي، 1427،ص ص 18-19)
وللإدارة أنواع متعددة تختلف باختلاف طبيعة انتمائهما، ومن جانب آخر توالت الفروع التطبيقية للإدارة في الظهور، بغض النظر عن طبيعة انتمائها سواء كان للقطاع الخاص أو العام، فهناك إدارة عامة (Public) وإدارة أعمال (Business)، والإدارة الصحية والإدارة التربوية والإدارة المدرسية والإدارة الأمنية ونحو ذلك هي فروع تطبيقية للإدارة تختص بالمجال الذي تنتمي إليه، وهي فروع تجمعها عناصر مشتركة تتمثل في المبادئ والقواعد الأساسية للإدارة، وفي الوقت ذاته يتميز كل فرع بخصوصية معينة استمدها من طبيعة المجال الذي ينتمي إليه.
نشأة الإدارة:
عند تناول نشأة الإدارة ينبغي التفريق بين ثلاث أمور هي الإدارة كممارسة , والإدارة كفكر , و الإدارة كعلم مستقل(الجضعي، 1427،ص ص 20-21) :
• الإدارة كممارسة:
نشأت الإدارة كممارسة في العصور القديمة، ولا غرابة إذا قلنا إنها كانت حاضرة منذ بدء الخليقة، فالمجتمعات القديمة وإن كانت تتسم بالبساطة فقد كانت بحاجة إلى تنظيم العلاقات بين أفرادها لتحقيق أهداف محددة، وظهرت بعض الممارسات الإدارية عندما أدرك الإنسان أن التعاون مع الآخرين أصبح ضرورة حيوية للبقاء والنماء.
وتعد الأسرة نواة العمليات الإدارية، فقد كانت منذ الأزل تقوم بعدد من الوظائف كتقسيم العمل وتوزيع الأدوار واتخاذ القرارات والقيادة وممارسة السلطة.
• الإدارة كفكر:
ظهر الفكر الإداري في الحضارات الإنسانية منذ آلاف السنين، ويبدو ذلك جلياً في التراث الإنساني القديم، فقد ظهرت الأفكار وبعض التطبيقات الإدارية في الحضارة المصرية القديمة كالتخطيط الإداري والرقابة، وظهر التنظيم في الحضارة الصينية من خلال دستور الفيلسوف "تشاو" الذي تضمن المهام والواجبات الوظيفية لموظفي الدولة كافة، وظهر التنظيم المتدرج (الهرمي) وتفويض السلطة والتقسيم الإداري وفقاً للبعد الجغرافي في الإمبراطورية الرومانية، وقدمت الإمبراطورية اليونانية الكثير من الأفكار والتطبيقات حول التخصص واختيار الموظفين وتفويض السلطة.
• الإدارة كعلم مستقل:
تعد بداية القرن العشرين مرحلة فاصلة في نشأة الإدارة كعلم قائم بذاته يستند إلى مقومات شأنه في ذلك شأن بقية فروع العلم والمعرفة، فظهرت النظريات والتجارب والدراسات التي استخدمت الأسلوب العلمي، وأصبح التخصص في دراسة هذا الحقل أمراً مألوفاً، وشهد القرن العشرون العديد من الإسهامات، ومال المتخصصون إلى تصنيفها في مدارس عدة، ومن الجدير بالذكر أن هذه التصنيفات التي وردت في الدراسات الإدارية العربية والأجنبية قد انطوت على بعض القواسم المشتركة، إلا أنها في الوقت نفسه تباينت في جزء أو أكثر، وهو ما تسبب في وجود بعض اللبس والغموض، وخصوصاً لدى حديثي العهد بدراسة الإدارة.
مدارس الإدارة
تبنت بعض الدراسات تصنيف مدارس الإدارة في مدارس ثلاث هي: المدرسة التقليدية، ومدرسة العلاقات الإنسانية، والمدرسة السلوكية، بينما دمجت دراسات أخرى المدرستين الأخيرتين في مدرسة واحدة بإسم المدرسة السلوكية تارة وبإسم مدرسة العلاقات الإنسانية تارة أخرى، واستحدثت دراسات أخرى مدارس مستقلة كمدرسة الموارد البشرية، ومدرسة النظم، ومدرسة اتخاذ القرارات.
ومن خلال الاطلاع على كثير من الدراسات والبحوث للوقوف على تصنيف يحمل في طياته مقومات التصنيف الجيد، تبيَّن أن التصنيف الذي أورده كل من بيندور وروجرز (Pindur & Rogers) في دراسة لهما بعنوان تاريخ الإدارة (The History of Management) هو التصنيف الأمثل بعد إجراء بعض التعديلات عليه والإضافات بحيث يشمل التصنيف مدارس خمس هي: المدرسة التقليدية، ومدرسة العلاقات الإنسانية، والمدرسة السلوكية، والمدرسة الكمية، والمدرسة الحديثة. وفيما يلي عرض موجز لكل مدرسة من هذه المدارس(الجضعي، 1427،ص 22) :
أولاً: المدرسة التقليدية:
ظهرت المدرسة التقليدية آواخر القرن التاسع عشر ، وجاءت متأثرة إلى حد كبير بنتائج بعض الدراسات التي تمت في مجال إدارة الأعمال بالدرجة الأولى ، إضافة إلى مساهمات بعض علماء الاجتماع وعلم الإدارة العامة (العساف ،1403 ،ص42 ) ، ولهذه المدرسة عدد من الرواد ينتمون إلى بلدان مختلفة أبرزهم الأمريكي (فريدريك تايلور) رائد نظرية الإدارة العلمية، والفرنسي (هنري فايول) رائد نظرية الإدارة العامة، والألماني (ماكس فيبر) رائد نظرية البيروقراطية.
ومع التباعد الجغرافي بين الرواد الثلاثة، واختلاف السياق الثقافي، إلا أن أطروحاتهم اتسمت بوجود قدر كبير من القواسم المشتركة، لذا اتفق الباحثون في علم الإدارة على إطلاق اسم المدرسة التقليدية تعبيراً عن تلك الجهود، ومظلة لإسهامات الرواد الثلاثة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه بالرغم من وجود قواسم مشتركة بين رواد كل نظرية إلا أن هذا لا يعني عدم وجود الاختلاف والتباين في بعض النقاط الثانوية ( السواط ،1416 ،ص 33) .
نظرية الإدارة العلمية:
يعد المهندس الأمريكي فريدريك تايلور رائد نظرية الإدارة العلمية (1856-1915)، حيث دعا فيه إلى تبني الطريقة العلمية في الإدارة عوضاً عن الطريقة العشوائية أو الحدسية، كما أشار إلى أن جهد العاملين في المنظمة مرهون بقدراتهم الجسمية، لذا ينبغي أن تولي الإدارة اهتماماً بحسن اختيار العاملين وتدريبهم، وكان يؤمن – تايلور -بأن المحفز الحقيقي للأفراد هو العامل الاقتصادي هذا بالإضافة إلى قناعته بأن العاملين بحاجة مستمرة إلى الإشراف والرقابة الصارمة لضمان عدم تقاعسهم في تطبيق الأسلوب العلمي في العمل.
مما سبق يتبين أن حركة الإدارة العلمية انطلقت من افتراضات تشاؤمية فيما يتعلق بنظرتها للإنسان حيث تنظر للإنسان بأنه كسول بطبعه وأن حافزه للعمل مادي وأنه غير قادر على تحمل المسؤولية .
علاقة النظرية بالميدان التربوي :
انعكست أفكار ومبادئ نظرية الإدارة العلمية على مفهوم الإدارة التعليمية ، فاتخذت الإدارة التعليمية إطاراً نظرياً مشابهاً لها ، فالمصنع هو المدرسة ، والعمال الذين يعملون فيه هم التلاميذ ، ونظام أو عملية الإنتاج هي العملية التربوية والتعليمية ، والمنتجات والمخرجات هم خريجوا المدرسة (مرسي ، 1422 ،ص15 ) .
نظرية البيروقراطية:
نشأت البيروقراطية في ألمانيا بفضل الجهود التي قام بها عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر (Max Weber) الذي عاش في الفترة ما بين عامي (1864-1920م)، وكلمة البيروقراطية مشتقة من كلمتين لاتينية وإغريقية الأولى (Bureau) وتعني المكتب، والثانية (cracy) وتعني القوة أو السلطة أو الحكم، ومن ثم فالمقصود بالبيروقراطية هو حكم المكتب أو سلطة المكتب، وقد عرفها قارستون (Garston) بأنها "بناء تنظيمي هرمي يتصف بالتحديد الدقيق لخطوط السلطة، والقواعد، والإجراءات التي تحكم العمل".
وقد استخدم "فيبر" في كتابه الذي صدرت أولى طباعته بعد وفاته بعامين (1922م) مصطلح البيروقراطية لوصف المنظمات الكبيرة جداً. كما حدد خصائصها .
علاقة النظرية بالميدان التربوي :
تجدر الإشارة هنا إلى وجود علاقة وثيقة بين نظرية البيروقراطية والإدارة المدرسية التي تقوم على تقسيم العمل وتنظيم الإجراءات والتسلسل الهرمي والسلطة والمسؤولية والرقابة ( مرسي ، 1422 ،ص 235 ) .
نظرية الإدارة العامة:
ظهرت هذه النظرية في فرنسا على يد المهندس الفرنسي هنري فايول( Henri Fayol) الذي عاش في الفترة من (1841-1925م)، وقد تم اشتقاق اسم النظرية من المؤلف الشهير الذي قدمه فايول بعنوان الإدارة العامة والصناعية (General and Industrial Management ) وبينما أنصب اهتمام تايلور على الإدارة الصناعية في مستوياتها التنفيذية (العاملين وخطوط الإنتاج)، فقد انصب اهتمام فايول على الإدارة في مستوياتها العليا. وقد صنف فايول الأنشطة التي تقوم بها المنظمة إلى ستة أقسام هي(الصباب ، 1413 ، 59): (أنشطة فنية ،أنشطة تجارية ،أنشطة مالية ،أنشطة أمنية ،أنشطة محاسبية ،أنشطة إدارية ) وقد ركز فايول على النشاط الإداري وقسمه إلى خمس وظائف إدارية هي )التخطيط ، التنظيم ،التوجيه، الرقابة، التنسيق)
علاقة النظرية بالميدان التربوي :
بعد استعراض النظرية يتضح أن النظم التعليمية هي في الأساس نظم إدارية ذات صبغة تربوية تبنى على نفس المبادئ الموضحة في نظرية الإدارة العامة ، مع وجود بعض الاختلافات في جوانب التطبيق .
ثانياً: مدرسة العلاقات الإنسانية (Human Relations School):
ظهرت هذه المدرسة في نهاية العشرينيات الميلادية من القرن العشرين كرد فعل للمدرسة التقليدية، خصوصاً بعد فشل الأخيرة في تحقيق التطلعات المنشودة التي تستهدف الرقي بمستوى الأداء والإنتاج، ومن منطلق أن مدرسة العلاقات الإنسانية ظهرت كرد فعل لسابقتها فقد تبنت استراتيجيات تتصف بأنها على النقيض من استراتيجيات المدرسة التقليدية، فإذا كانت المدرسة التقليدية تنظر للإنسان على أنه آلة (Machine)، فإن مدرسة العلاقات الإنسانية تولي أهمية بالغة للجوانب النفسية والاجتماعية من منطلق أن للفرد قيماً ومعتقدات وعواطف واتجاهات لها أثر كبير في الكفاية الإنتاجية، والجدول التالي يبين الفروق الجوهرية بين المدرستين (الجضعي، 1427،ص 31):
المدرسة التقليدية مدرسة العلاقات الإنسانية
الاهتمام بالحوافز المادية الاهتمام بالحوافز المعنوية
الاهتمام بالتنظيم الرسمي الاهتمام بالتنظيم غير الرسمي
اتخاذ القرارات مسؤولية الإدارة فقط توسيع قاعدة المشاركة
الفصل بين التخطيط والتنفيذ دمج التخطيط بالتنفيذ
الكفاية الإنتاجية ترتبط بالطاقة الفسيولوجية (البدنية) الكفاية الإنتاجية ترتبط بالطاقة الاجتماعية
النظرة للإنسان نظرة تشاؤمية النظرة للإنسان نظرة تفاؤلية
ثالثاً: المدرسة السلوكية:
إذا كانت المدرسة التقليدية انطلقت من افتراضات متشائمة حول طبيعة الإنسان، فقد انطلقت مدرسة العلاقات الإنسانية من افتراضات متفائلة ، بينما تمدنا المدرسة السلوكية بنظرة واقعية وعقلانية فهي تؤمن بالفروق الفردية ، وترفض مبدأ تعميم الأحكام ، وأن السلوك الإنساني محصلة لتفاعل الفرد مع البيئة المحيطة به ومن خلالها ظهر مصطلح السلوك التنظيمي الذي يعنى بسلوك الأفراد والجماعات والمنظمات . (الجضعي، 1427،ص 40)
رابعاً: مدرسة الإدارة الكمية:
تطور المدخل الكمي للإدارة خلال وبعد الحرب العالمية الثانية. فقد حاولت الشركات الكبيرة الاستفادة من الأساليب التي استعملت في إدارة الجيوش، وذلك في مجال حل المشكلات (Problem-Solving) واتخاذ القرار. ويؤكد هذا المدخل على استعمال النماذج الرياضية كالبرمجة الخطية ونظرية المباريات والسلاسل الزمنية والكفاءة الاقتصادية واستخدام الحاسوب. (الجضعي، 1427،ص ص 43-44)
خامساً: المدرسة (الاتجاهات) الحديثة:
ظهرت هذه المدرسة في النصف الثاني من القرن العشرين وتحديداً في الستينيات الميلادية ، وتنطوي هذه المدرسة على مداخل عدة أبرزها مدخل النظم ، ومدخل الإدارة الإستراتيجية ، وإدارة الجودة الشاملة ، والهندرة .
وقد ظهر حديثاً بعض المدارس مثل مدرسة الإدارة اليابانية والإدارة الموقفية، أو الظرفية .
الإدارة عند المسلمين :
تفردت الحضارة الإسلامية بوجود تنظيم إداري متقدم ، شمل معظم الوظائف الإدارية ، فالفكر الإداري بدأ يتبلور منذ أن أنزل الله سبحانه وتعالى رسالته على الرسول خاتم الأنبياء والمرسلين .
وكان الفكر الإداري في الصدر الأول من الإسلام يستند إلى نصوص القرآن الكريم وتوجيهات السنة النبوية الشريفة ، ويقوم على أساس من القيم الإنسانية التي لا يزال الفكر الإداري المعاصر يلهث للوصول إليها .
وهناك علاقة وطيدة بين الإدارة والشريعة الإسلامية، فقد أشار القرآن الكريم بلفظة الإدارة في قوله تعالى: { إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم } (البقرة آية 282) وفي السنة النبوية إشارة أخرى في حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلي الله عليه وسلم- قال: ( لا تقوم الساعة حتى يدير الرجل أمر خمسين امرأة ) [رواه الطبراني].
وبناءً على ما سبق فقد كان المسلمون يطبقون وظائف وعمليات الإدارة التالية :
1 -التخطيط : هو عبارة عن عملية فكرية تعتمد على المنطق والترتيب والتقدير والمرونة وإيجاد البدائل، ومن شواهده في القرآن قوله تعالى على لسان نبيه يوسف عليه السلام: "قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون . ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون . ثم يأتي بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون " [يوسف 47-49]، وبهذا التوجيه القرآني الذي هدى الله إليه يوسف عليه السلام، فإن المسلم مُلزَم بالتخطيط المستقبلي لتفادي النكبات والأزمات التي قد تحيط بالأمة في كل مجال. ومن الأحاديث النبوية الدالَّة على التخطيط والعمل لتفادي تقلبات المستقبل حتى يحمي الإنسان نفسه ومَنْ تحت ولايته قوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه-: "...إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس...) وأيضًا قوله للأعرابي الذي ترك ناقته عند باب المسجد دون أن يعقلها: "اعقلها وتوكل", وفي هذا الحديث إشارة للإداري المسلم بأن يربط التوكل على الله بالاحتياط والتخطيط الذي لا يتنافى مع التوكل, ولا مع القضاء والقدر .
2 -التنظيم : هو بيان وتحديد الهيكل الذي تنتظم فيه علاقات السلطة والمسؤولية وهو كيان حي متحرك ولابد من إعداده ليتلاءم دائمًا مع المتغيرات الداخلية والخارجية، وهو ما جاء به الإسلام قال تعالى : { أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } [الزخرف: 23] ، وهذا غاية في التنظيم، فهو تنظيم الكون والحياة بأجمعها. ونجد في قدوم النبي - -إلى المدينة أولى خطوات التنظيم وهي المؤاخاة حيث قال: (تآخوا في الله أخوين أخوين) فآخى بين المهاجرين والأنصار ليكونوا نواةً لتنظيم المجتمع.
3 -التوجيه : هو القدرة على التأثير على الموظفين ، وهدايتهم وتوجيههم مع إيجاد روح الود والحب والرضى والانتماء للعمل. ولقد اعتنى الإسلام بالتوجيه وأولاه رعاية خاصة لشحذ الهمم، فمن ذلك قوله تعالى: {ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك }[آل عمران: 159]، وهذا توجيه أعلى للقائد والحاكم، وكذلك قوله تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم}[البقرة: 237]، وهذا توجيه عام للمحكومين والعامة.
4-الرقابة : هي عملية ملاحظة نتائج الأعمال التي سبق تخطيطها ومقارنتها مع الأهداف التي كانت محددة واتخاذ الإجراءات التصحيحية لعلاج الانحرافات، وهي غاية الأمر ومنتهاه، فبعد التطبيق الكامل يأتي دور التأكد من أن تنفيذ الأهداف المطلوب تحقيقها في العملية الإدارية تسير سيرًا صحيحًا حسب الخطة والتنظيم والتوجيه، ولعل الإداري المسلم المؤمن هو المدرك حق الإدراك حقيقة الرقابة, والعمل على إنفاذها سواء على نفسه أو على غيره، ومن شواهد الرقابة في القرآن الكريم قول الله تعالى: { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون } وقوله عز وجل: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} ومن السنة النبوية حديث جبريل عليه السلام: (... فأخبرني عن الإحسان؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك... الحديث) ، وهذا من أعظم أنواع الرقابة الذاتية, وهنا يتفاضل الناس ليس فقط بمقدار ما يحملونه من (علوم) الإدارة, بل أيضًا بمقدار ما يُجيدونه من (فنونها) وأساليب تطبيقها . " من موقع قصة الإسلام" islamstory"
الإدارة المدرسية :
مفهوم الإدارة المدرسية وأهميتها :
المدرسة هي تلك المؤسسة التربوية التي تمثل جوهر العملية التعليمية ، والإدارة المدرسية شأنها شأن أي عمل يقوم به الإنسان لا يخلو من وجود صعوبات تعترضه أثناء ممارسته أو القيام به . وتختلف هذه الصعوبات من إدارة مدرسية إلى أخرى ومن مرحلة تعليمية إلى أخرى ، تبعاً لظروف المدارس وطبيعة القائمين عليها .
ففي المدارس تتبلور الاتجاهات التربوية والتعليمية . فالفرد يتأثر أولاً وأخيراً بقيمة واتجاهاته . والمدرسة تكسب الفرد اتجاهات لا تتسم بالاستقرار النسبي كما هو حال القيم . إذ يعتقد علماء النفس أن القيم تتسم بالاستقرار النسبي وبالتالي فإن تعديلها أو تغييرها أمراً ليس سهلاً كما هو حال الاتجاهات .
ويتوقف نجاح الإدارة المدرسية على دور المدير الفعّال الذي يستطيع تحديد أهداف مرغوبة وذات قيمة ، ويتمكن من تحقيقها باستخدام المتاح من الموارد والمعارف استخداماً أمثل. وعلى كافة عناصر المنظومة التعليمية التي تشمل المشرفين والتربويين الإداريين والمعلمين.
ولا تزال تظهر أهمية الإدارة المدرسية كلما تقدم الزمن وكلما زادت الحضارة وتغيرت مفاهيم التربية وكلما تطور التعليم . إن مفهوم الإدارة المدرسية قبل ثلاثين عاماً ليس هو مفهوم الإدارة المدرسية اليوم ومفهوم الإدارة المدرسية اليوم ليس هو مفهوم الإدارة المدرسية بعد ثلاثين عاماً وفي العصر الذي نعيش فيه الآن من الواضح أيضاً أن مفهوم الإدارة المدرسية وأهميتها في الولايات المتحدة الأمريكية يختلف عن مفهوم الإدارة المدرسية وأهميتها في الكونغو كما يختلف عن مفهوم الإدارة المدرسية وأهميتها في الهند أو في اندونيسيا أو في تركيا اختلافاً كبيراً يتمشى مع المفهوم الأساسي للتربية في كل قطر من هذه الأقطار.
لقد تغيرت المجتمعات وتغيرت معها مفاهيم الحياة ثم تغير مفهوم التربية لدى هذه المجتمعات كما تغير مفهوم التعليم . ثم يتبع هذا التغير تغيرات كثيرة ومفاهيم أكثر عن التربية والتعليم وكانت تهدف إلى التطور والنمو في العملية التربوية والتعليمية حتى وصلت إلى أرقى المستويات الحديثة وتمشياً مع هذا التطور الحديث للتربية والتعليم قامت التربية الحديثة بتخصيص هذا الاصطلاح ( مدرسة ) وأطلقته على المكان الذي خصصته لتعليم الأطفال . وخصصت أيضاً المدرسين الذين يقومون بتدريب الأطفال والذين يقومون على رعايتهم في المدرسة. (مساد،1425،ص 28)
ولعل السبب الرئيس الذي دعا التربية لتخصيص مكان معين وإطلاق إسم خاص عليه هو ظهور التعليم الجماعي لذا أصبح من الضروري توفير الأماكن اللازمة لهذه الإعداد الوفيرة التي تتوافد على المدرسة لتلقي العلم والمعرفة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى نمو العلم والمعرفة وإتباع الثقافة ، وتعدد المواد ، وظهور العلوم الحديثة ، والاختراعات المتطورة التي تظهر من حين إلى آخر في شتى أنحاء العالم وبالطبع يتبع هذا التنوع في المعرفة تنوع المتخصصين في هذه المعرفة لتدريسها في المدرسة . فهناك أستاذ اللغة العربية ، وأستاذ اللغة الإنجليزية وأستاذ الكيمياء ، وأستاذ الرياضيات ، وأستاذ العلوم ، وأستاذ الرسم والأشغال وهكذا .
لذا أصبح لزاماً أيضاً على التربية الحديثة أن تخصص لجميع أفراد المدرسة من يوجههم ويرشدهم وينظم أعمالهم وينسقهم إذا احتاج الأمر في هذا المجتمع البشري الصغير في هذه الأسرة الصغيرة وهي المدرسة – وأن يكون العقل المفكر للمدرسة . وأن يكون القلب النابض فيها . أليس هو المدير. (مساد،1425، ص 29)
وأصبح من الضروري للمشتغلين بالإدارة المدرسية معرفة المعلومات الأساسية لهذا الإدارة لاسيما بعد أن اتسع مجالها فشمل النواحي الإدارية والفنية وبعد أن أصبحت الإدارة توجه عنايتها للطفل لا في المدرسة فحسب بل في المدرسة والبيئة والمجتمع .
ويعني هذا أن الإدارة المدرسية لم تعد مسئولة فقط عن الطفل داخل المدرسة بل هي مسئولة عنه خارج المدرسة أيضاً في كثير من الحالات التي يخشى على الأطفال منها داخل المدرسة وذلك عند تسرب العدوى من خارج المدرسة لداخلها مثل المشاكل التي تحدث في البيئة الخارجية وعندما تحاول هذه المشاكل اقتحام أسوار المدرسة . (مساد،1425،ص 26)
وتحقيقاً للأهداف التربوية والتعليمية التي يجب المحافظة عليها داخل المدرسة أصبح من الضروري على المسئولين عن الإدارة المدرسية أن يقفوا لهذه المشكلات بالمرصاد وأن يحاربوا جميع المبادئ والمعتقدات الهدامة التي تتناقض مع التعليم والمبادئ التي يتعلمها الطفل في المدرسة تحقيقاً للأهداف التربوية والتعليمية في المجتمع الذي يعيش فيه.
وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن الإدارة المدرسية لها أهميتها الكبرى بالنسبة لكل طفل في المدرسة لأنها تعمل على تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية التي يتطلع لها المجتمع ويراقبها بدقة عن كثب هذا بجانب الكثير من الاتجاهات الحديثة التي يجب غرسها في نفوس الصغار داخل المدرسة.
العلاقة بين الإدارة التربوية والإدارة التعليمية والإدارة المدرسية :
قبل البدء في توضيح العلاقة بين الإدارة التربوية والإدارة التعليمية والإدارة المدرسية ، يجدر الإشارة إلى تعريف هذه المصطلحات وفقاً لما ورد من المتخصصين ، وذلك على النحو التالي :
الإدارة التربوية
تعرف الإدارة التربوية بأنها "مجموعة العمليات التنفيذية والفنية التي تتم عن طريق العمل الإنساني الجماعي التعاوني الساعي على الدوام إلى توفير المناخ الفكري والجماعي النشط المنظم من أجل تذليل الصعاب وتكييف المشكلات الموجودة وتحقيق الأهداف التربوية المحددة للمجتمع وللمؤسسات التعليمية " . (الشيباني،1985،ص 184)
الإدارة التعليمية
تعرف الإدارة التعليمية بأنها "كل عمل منسق ومنظم يخدم التربية والتعليم وتتحقق من ورائه الأغراض التربوية والتعليمية . تحقيقاً يتمشى مع الأهداف الأساسية من التعليم" .(مساد،1425،ص 22)
الإدارة المدرسية
الإدارة المدرسية هي " تلك الجهود المنسقة التي يقوم بها مدير المدرسة مع جميع العاملين معه من مدرسين وإداريين وغيرهم بغية تحقيق الأهداف التربوية داخل المدرسة تحقيقاً يتمشى مع ما تهدف إليه الأمة من تربية أبنائها تربية صحيحة وعلى أساس سليم" . (مساد،1425، ص25)
ويمكن القول أيضاً بأن الإدارة المدرسية تعني "جميع الجهود والإمكانيات والنشاطات التي تبذل من أجل تحقيق الأهداف التربوية تحقيقاً فعالاً متطوراً".(مساد،1425،ص 25)
أما الأستاذ (فوكس) فيعرف الإدارة المدرسية "بأنها كل نشاط تتحقق من ورائه الأغراض التربوية تحقيقاً فعالاً ويقوم بتنسيق وتوجيه الخبرات المدرسية والتربوية وفق نماذج مختارة ومحددة من قبل هيئات عليا أو هيئات داخل الإدارة المدرسية ". (مساد،1425، ص 27)
وبعد استعراض تعريفات المصطلحات سيتم توضيح العلاقة بينها على النحو التالي :
الواقع أن هذه المفاهيم الثلاثة قد شاع استخدامها في الكتب والمؤلفات التي تتناول موضوع الإدارة في ميدان التعليم . وقد تستخدم أحياناً على أنها تعني شيئاً واحداً . ويبدو أن الخلط في هذه التعريفات يرجع إلى النقل عن المصطلح الأجنبي Education الذي يترجم إلى العربية بمعنى "التربية " أحياناً و" التعليم " أحياناً أخرى ، وقد أدى ذلك بالطبع إلى ترجمة المصطلح Educational Administration إلى الإدارة التربوية أو الإدارة التعليمية تارة أخرى على أنهما يعنيان شيئاً واحداً . (مرسي،1422، ص ص 12-13)
العلاقة بين الإدارة التربوية و الإدارة التعليمية :
يفضل بعض الكتاب والمتخصصين استخدام مصطلح (الإدارة التربوية ) ليتمشوا مع الاتجاهات التربوية الحديثة التي تفضل استخدام كلمة "تربية " على كلمة "تعليم" باعتبار التربية أشمل وأعم من التعليم . وأن وظيفة المؤسسات التعليمية هي "التربية الكاملة" .
كما أن مصطلح " الإدارة التربوية" أكثر شمولاً ولأن الإدارة التربوية هي الطريقة التي يدار بها النظام التعليمي بشكل عام . والإدارة التربوية تشمل مدخلات وعناصر العملية التعليمية جميعها من موارد بشرية ( معلمين ومتعلمين ،...) وما تحمله من قيم واتجاهات وعناصر مادية (الأبنية والتجهيزات والمعدات والتقنية ،...)، كما أن لفظ التربية يشتمل على التعليم ، على أساس أن العملية التربوية هي وضع تعلم وتعليم ، فإذا ما أطلق على إدارة التنظيمات التي تقوم بتنفيذ العملية التربوية إدارة تعليمية ، فكأننا نكون قد أغفلنا جانب التعلم الذي يقوم به المتعلم ولكان من الأحرى استخدام مصطلح الإدارة التعليمية ، الا أن استخدام الإدارة التربوية يعد أكثر تعبيراً وشمولاً .
ومع أن الإدارة التربوية تريد أن تركز على مفهوم التربية لا التعليم فإن الإدارة التعليمية تعتبر أكثر تحديداً ووضوحاً من حيث المعالجة العلمية للعملية التعليمية. (مرسي،1422، ص ص 12-13)
العلاقة بين الإدارة التربوية و الإدارة المدرسية :
أما فيما يتعلق بالفرق بين الإدارة التربوية والإدارة المدرسية ، فهناك خلط شائع بين المفهومين عند بعض التربويين إذ يطلقون مصطلح الإدارة المدرسية على الإدارة التربوية أو الإدارة التربوية على الإدارة المدرسية ، رغم اختلاف المعنى بين المصطلحين ، ويحاول الدكتور إبراهيم مطاوع التفريق بين المصطلحين فيرى أن الإدارة التربوية ترجمة للمصطلح Educational Administration ويطلق على الإدارة المدرسية School Management فاللفظ الأول يعني الأعمال التي يقوم بها الإداريون في المستويات العليا من الإدارة التربوية سواءً على مستوى المركز (الوزارة) أو المديريات التابعة من عمليات الإدارة . بينما يطلق اللفظ الثاني على الوحدات التنفيذية التي تشمل المدرسة . (الشلعوط،1423، ص 47)
والإدارة المدرسية هي الوحدة الأساسية التي تقوم بتنفيذ السياسة التربوية ، في حين أن الإدارة التربوية هي التي تقوم برسم السياسة وهي التي تمد المدرسة بالمتطلبات المادية والبشرية كما تقوم بالإشراف والرقابة لضمان سلامة تنفيذ السياسة التربوية المرسومة .
وهناك فرق آخر وهو أن الإدارة التربوية يرأسها وزير مهمته تنسيق السياسة التربوية مع السياسة العامة للدولة ، والإشراف على تنفيذ هذه السياسة إما بطريقة مباشرة أو من خلال أجهزة الوزارة المختلفة . أما الإدارة المدرسية فوحدتها المدرسة ويعمل على إدارتها مدير المدرسة ومهمته العمل على نجاح المدرسة في تحقيق أهدافها ضمن القوانين والأنظمة التي رسمتها الإدارة التربوية ، وتختلف الصلاحيات الممنوحة له من بلد إلى آخر وفقاً للنظام الإداري المتبع .
وخلاصة القول أن الإدارة التربوية هي نظام تربوي على مستوى الدولة والمجتمع بما فيه من مدارس ومؤسسات تربوية وخدمات تعليمية وصحافة وإعلام وما يحكم ذلك من تشريعات وقوانين ، وأما الإدارة المدرسية فهي النشاط المنظم داخل المدرسة والذي يعمل على تحقيق الأهداف التربوية المرسومة أو المنبثقة من السياسة التربوية والمستمدة من الفلسفة التربوية وأهدافها . (الشلعوط،1423، ص 48)
العلاقة بين الإدارة التعليمية و الإدارة المدرسية
يبدو أن هناك خلطاً في المؤلفات العربية في استخدام مصطلح الإدارة المدرسية، حيث تتناول بعض الكتب العربية التي تحمل عنوان "الإدارة المدرسية" مستويات من الإدارة فوق مستوى المدرسة مما يخرج الموضوع عن المعالجة العليمة الدقيقة . وربما يعود هذا الخلط إلى أن كثيراً من الكتب الأجنبية التي تحمل عنوان " الإدارة المدرسية" تركز على المدرسة التي تمثل أهم وحدة في الإدارة التعليمية ككل ، وتتمتع بحريات كبيرة في التصرف، وتقوم بالأدوار الرئيسة التي تمكنها من تحقيق أهدافها ، بينما نجد المدرسة في البلاد العربية لا تحظى بهذه المكانة الكبيرة من الناحية الإدارية. وبناءً عليه تعتبر الإدارة المدرسية جزء من الإدارة التعليمية التي هي جزء أيضاً من الإدارة العامة.(مساد،1425،ص 25)
فالمدرسة ما هي إلا وسيلة لتنفيذ السياسة العامة للتعليم وهي الأداة الفعّالة لتحقيق أهداف هذه السياسة . وهي أيضاً أي المدرسة المصنع الذي تتبلور فيه العملية التعليمية والتربوية والثقافية في شتى صورها من أجل بناء الأجيال التي تصنع المستقبل وتعد له العدة لحاضره ومستقبله وتعده من أجل القيام بتحمل مسؤولياته الملقاة على عاتقه من أجل البناء والتطور.
كما أن الإدارة المدرسية يتحدد مستواها الإجرائي بأنه على مستوى المدرسة فقط، وبهذا تصبح جزءاً من الإدارة التعليمية ككل. أي أن صلة الإدارة المدرسية بالإدارة التعليمية هي صلة الخاص بالعام . (مرسي ، 1422، ص ص 12-13)
الإدارة المدرسية عند المسلمين:
الإسلام يحث على العلم ، إذ كانت أولى آيات القرآن الكريم التي نزلت معلنة بدء الرسالة ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) . (العلق : آية 1)
وقد استخدم العلماء المسلمون الذين كتبوا في مجال التربية مجموعة ألفاظ دالة على التربية منها كلمة "تعليم" التي استخدمها برهان الدين الزرنوجي في كتابه الشهير "تعليم المتعلم طريق التعليم" ، والإمام أبو حنيفة النعمان في رسالته "العلم والمتعلم" ، والجاحظ في "رسالة المعلمين" . ومنها كلمة "الأدب" و "التأديب" التي استخدمها طاش زاده في كتابه "رسالة في علم الأدب" والماوردي في كتابه "أدب الدنيا والدين" وشمس الدين الأنباني في "رسالة في رياضة الصبيان وتعليمهم وتأديبهم" . كما استخدموا لفظ الأدب بمعنى التربية ، وبمعنى آخر هو العلم والمعرفة ، وقد فضل أعلام المربين المسلمين مفهوم التأديب وغلبوه على المصطلحات الأخرى مثل التعليم والتربية والتزكية .(الخطيب ،1415، ص 46)
ومما يميز التربية الإسلامية أنها تشمل جميع فئات المجتمع ، فإذا كانت التربية في الحضارات السابقة على لإسلام تقتصر على فئة معينة دون سواها من فئات المجتمع ، فإن التربية في الإسلام مكفولة للجميع , وطلب العلم فريضة على الذكور والإناث ، وحق التعليم في الإسلام لا يقتصر على الغني دون الفقير ، ولا على البصير دون الكفيف . والتربية الإسلامية تشمل جميع مراحل نمو الإنسان .(الخطيب ،1415، ص 110)
وفي الإطار السابق كان على المسلمين أن يعملوا على تعليم أبنائهم، وأن يفرغوا من أبناء المسلمين من يتولى تعليم الصبية . ومن هنا ظهر الكتّاب ليقوموا بهذه المهمة . وانتشرت الكتاتيب في أنحاء المدن والقرى ، تارة بجوار المساجد وأخرى بعيدة عنها، لكن لا تكون بداخلها على أي حال . ويتولى التعليم فيها معلم واحد في الغالب أو قد يشترك معلمان أو أكثر . (الخطيب ،1415، ص 375)
وارتبطت التربية الإسلامية بالمسجد ارتباطاً وثيقاً ، ففيه كانت تعقد حلقات العلم ، وتلقى الدروس الدينية لتنشئة الصغار وتلقينهم تعاليم الإسلام . ومع تطور الثقافة الإسلامية والحضارة الإسلامية اتسع المسجد للعلوم الدينية وغيرها من معارف ذلك العصر .
وقد استخدمت المساجد كثيراً من الوسائل في التربية منها : الخطب الدينية والدروس التي تعقب الصلاة، والمحاضرات التي تلقى في فترات دورية أو في مناسبات خاصة . هذا بالإضافة إلى المكتبات الملحقة بالمساجد الكبرى التي يجد فيها القارئ كثيراً من ألوان المعرفة الدينية والاجتماعية . (الخطيب ،1415، ص 249)
ومن أجل هذا فقد أنشئت المدارس ، ودور العلم ، والمكتبات العلمية ، وعندما دعت الحاجة إلى ترجمة العلوم الأجنبية في العصور الإسلامية المختلفة ، خاصة العصر العباسي تمثلت جهود الدولة في إنشاء المعاهد العلمية الكبيرة ، مثل (دار الحكمة ) ، واستمرت جهود الدولة في إنشاء المدارس ، فأنشئ نظام (المدرسة) على يد الوزير السلجوقي سنة 458هـ ، واستمرت الجهود على مستوى الأفراد والحكام في إنشاء المدارس وبيوت الحكمة ودور العلم والمدارس ، ووقفت الأراضي والممتلكات للإنفاق عليها وصيانتها . ووزعت الأرزاق على الطلاب والمعلمين لسد مطالبهم في الحياة . (الشلعوط،1423، 24)
وقد كانت البيئة بكل عناصرها في المجتمع المسلم بيئة مشجعة على الاستمرار في طلب العلم. فالأسرة تشجع عليه بدوافع دينية ، والأمراء وأصحاب الجاه كانوا يتسابقون في تهيئة أماكن الدرس ويقفون عليه ما يضمن استمرارها، أما العلماء فقد اخذ كل منهم مجلسه في المسجد أو في داره يقدم ما لديه احتساباً لوجه الله تعالى.
وكان موسم الحج فرصة سنوية للمعلمين والمتعلمين، فكان أصحاب العلم وطلابه يرتادون المساجد أثناء طريقهم لأداء الفريضة ، وكان فرصة لزيارة المتعلمين للمراكز الثقافية الإسلامية والاستماع لكبار العلماء والأساتذة . (الخطيب ،1415، ص 400)
وقد سبق المسلمون غيرهم من الحضارات الأخرى في رصد بعض المبادئ على مستوى التنظير والتطبيق معاً منها
الخطيب ،1415، ص ص 372-373)
1. إلزامية التعليم.
2. التعليم المستمر.
3. توجيه التلاميذ حسب ميولهم.
4. مراعاة الفروق الفردية "التعليم المفرد".
5. العناية بالمتعلم والتنويه بقدره.
6. تكافل المجتمع في تعليم أبنائه.
7. الرفق بالمتعلم والحنو عليه والترحيب به والبشاشة له.
8. الإشفاق على المخطئ وتشجيع المحسن والثناء عليه .
9. التدرج في عملية التعليم.
10. استخدام الوسائل المعينة.
11. تخير أحسن الوسائل وأكثرها جدوى في التعلم.
12. إثارة الانتباه بالسؤال والحوار .
المراجع
1. القرآن الكريم .
2. السنة النبوية .
3. الجضعي ، خالد سعد ، الإدارة : النظريات والوظائف ، الطبعة الأولى ، 1427هـ .
4. الخطيب ، محمد شحات وآخرون ، أصول التربية الإسلامية ، دار الخريجي للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، 1415هـ .
5. السواط ، طلق عوض الله وآخرون ، الإدارة العامة : المفاهيم والوظائف والأنشطة ، دار النوابغ للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولى ، 1416هـ .
6. الشلعوط، فريز محمود، نظريات في الإدارة التربوية، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، 1423هـ.
7. الصباب ، أحمد عبد الله ، أصول الإدارة الحديثة ، الطبعة الرابعة ، 1413هـ .
8. عريفج ، سامي سلطي ، الإدارة التربوية المعاصرة الطبعة الثانية 1425 هـ .
9. عمر محمد التومي الشيباني، الفكر التربوي بين النظرية والتطبيق ، المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان ، طرابلس ، 1985م .
10. مرسي ، محمد منير ، الإدارة التعليمية : أصولها وتطبيقاتها ، عالم الكتب ، القاهرة ، 1422هـ .
11. مساد، عمر حسن ، الإدارة المدرسية ، دار صفاء للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان، 1425هـ .
12. النمر ، سعود وآخرون ، الإدارة العامة . الأسس والوظائف ، الطبعة الخامسة ، الرياض ، 1422هـ .
http://www.islamstory.com/Article.aspx?ArticleID=14.19