واو الثمانيـــة
قال تعالى : (( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة ( و ) ثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا )) [الكهف: 22]
وقع الخلاف بين النحويين في إعراب حرف الـ ( واو ) الواقع بين
قوسين في النص الكريم ما بين أن يكون حرف عطف ، أو استئناف .
ولما كان للعطف ضوابط ، وللاستئناف قواعد ، والواو هنا لا يدخل
ضمن هذه الضوابط والقواعد صمت النحويون في وجه النص الكريم وسبحان اللـه .
وقد ( تملص ) النحويون من الاستشهاد بهذا النص الكريم في أي
موضع من مواضع النحو العربي على إطلاقها ، ولم يذكروها في
مصنفاتهم ، حتى جاء ابن هشام الأنصاري ( 761 هج )
في كتابه : ( مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ) الذي سمى هذا
الحرف في إعرابه ( واو ) الثمانية وكانتَ قريش إذا عَدُّوا يقولون:
خمسة ستة سبعة وثمانية تسعة، فيُدْخلون الواوَعلى عَقْدِ الثمانيةِ خاصة.
وقال أبو القاسم الزمحشري: " وهذه الواو هي التي آذنت بأن
الذين قالوا: سبعة وثامنهم كلبهم، قالوه عن ثبات علم وطمأنينة
نفس ولم يرجموا بالظن كما غيرهم"
فسبحان اللـه حرف يعجز فرقة كاملة من العلماء النحويين
بمدارسهم الخمس ؛ البصرية ، والكوفية ، والبغدادية ، والمصرية ، والأندلسية ،
وإذا كان حرف واحد أعجز فرقة علمية كاملة فكيف
لا يعجز القرآن الكريم الأمم كلها بآية من آياته