بسم الله الرحمن الرحيم
تعتبر عقوبه الاعدام اشد العقوبات التى توقع على الجانى وهى لا تمتد الى الجانى فحسب فتشمل وبطريق غير مباشر ايضا اهل الجانى لا سيما اذا كان هو العائل الوحيد لهذه الاسره , ولا سيما اذا كان هو المصدر الرئيسى لرزق هذه الاسره والتى قد تتدهور وتتقوض ما اذا حكم على الجانى بها , وبالفعل كانت فى قديم الازل والعصور الوسطى والى فتره قريبه من العهد الحديث تنفذ على نطاق واسع جدا وعلى عده جرائم , اما فى الفتره الحاليه ,فاصبحت هذه العقوبه لا توقع الا فى اضيق الحدود , وذلك لخطوره هذه العقوبه , فتجد هذه العقوبه لا توقع الا على الجرائم التى تبلغ قدرا جسيما من الخطر يستوجب توقيعها . وفى التشريع المصرى لا يتم توقيع هذه العقوبه الا بعد عده مداولات وبعد اخذ راى المفتى ورايه فيها استشارى بحت , ويجوز ايضا العفو عن توقيعها بقرار من رئيس الجمهوريه وذلك حسبما اناط له القانون هذه السلطه .
وبالنسبه لهذه العقوبه من حيث الابقاء والالغاء , فان الفقه انقسم بدوره الى اتجاهين
فالاتجاه الاول يرى الغاء هذه العقوبه واستبدالها بعقوبه اخرى وهى السجن مدى الحياه وقد افرد ذلك الراى اسبابه ولكن لا يتسع لنا المقام هنا لذكرها
اما الاتجاه الثانى _ونحن معه_ الابقاء على هذه العقوبه وضروره تطبيقها لبعض انوع الجرائم التى تبلغ قدرا من الجسامه بحيث لولا وجود ذلك الخطر لما كان هناك مبرر لتطبيقها و نظرا لشده هذه العقوبه حيث انها تعتبر اخطر عقوبه على وجه الارض ولا شك انها اقدم عقوبه
وهذه العقوبه لا يمكن القول _فى وجهة نظرنا_ بأن يتم الغاؤوها وذلك لاسباب عديده منها على سبيل المثال
انه توجد بعض الجرائم التى لا تليق بها اى عقوبه سوى عقوبه الاعدام لا سيما اذا كان الجانى من ذوى النفوس الاجراميه او من المفسديين فى الارض الذين قال فيهم القرأن ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا .......) الى اخر الايه , فكيف اذا كان الشارع الحكيم والعدل الذى ليس كمثله كشئ فى الارض ولا فى السماء قد اقر هذه العقوبه لبعض الجرائم ويخرج عيلنا من ينادى بالغاؤها .
ولا غرو ان هذه العقوبه كما سلف الذكر لا تطبق الا فى اضيق الحدود وعلى جرائم معينه تبلغ قدرا جسيما شديدا يستوى مع الداعى الى تطبيق هذه العقوبه .
ولا غرو ايضا ان العبره فى تطبيق هذه العقوبه ليس ايلام الجانى او مجازاته على فعله وانما تهدف هذه العقوبه الى الردع العام , فهذه العقوبه انما هى للعبره , اى لكى يعتبر الغير بما ناله غيره جراء ارتكابه لجريمه ما و وايضا القول بعدم تطبيق هذه العقوبه فى رأينا قد يؤدى الى استهزاء الجانى بالقانون , وتكون العقوبه الاخف ليست اهلا لتحقيق اهداف العقوبه فى هذه الحاله .
ولذلك فنحن مع الراأى المؤيد للابقاء على هذه العقوبه , ولكن يجب تطبيقها فى اضيق الحدود , بحيث لا يكون هناك مفرا منها او ليس هناك عقوبه سواها بالنسبه للجانى وتكون متعلقه بجرائم معينه يعينها القانون بنفسه .
سلمت يداك وتقبل مرورى وردى المتواضعان , وان اصبت فمن الله وان اخطأت فمنى .
حسين صبرى